اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 962
استعمال (إليك) بمعنى (خذ)
ـ[أحمد بن حسنين المصري]ــــــــ[04 - 03 - 2012, 07:19 م]ـ
قال الدكتور (صلاح الدين الزعبلاوي) في كتاب (الأدوات النحويّة وما يَعترضُ الكتّاب مِن اللبس في استعمالها):-
3 - إليك:
إليك: اسم فعل؛ وأسماء الأفعال أدوات تقوم مَقامَ الأفعالِ فتنوب عنها في العمل لازمة ومتعدية. وهي تلزم حالة واحدة فلا تنصرف تصرف الأفعال باختلاف الأزمان.
ومن أسماء الأفعال ما أصله جار ومجرور نحو: إليك وعليك، وما أصله ظرف نحو: عندك ولديك ودونك ووراءك وأمامك ومكانك. فقد جاء في كتاب (همع الهوامع) للإمام جلال الدين السيوطي: "ومن أسماء الأفعال ما أصله ظرف أو جار ومجرور كمكانك بمعنى أثبت، وعندك ولديك ودونك بمعنى خذ، ووراءك بمعنى تأخر، وأمامك بمعنى تقدم، وإليك بمعنى تنحَّ: وعليك بمعنى الزم". ويكثر استعمال (إليك) في كلام الكتَّاب فيقولون: (وإليك البيان بالتفصيل) بمعنى خذ البيان، فهل هذا صحيح؟
أقول: ذهب بعضهم إلى الشك في صحة قول القائل (إليك البيانَ) بمعنى خذه. لأن الأوائل وكثيراً من المتأخرين قد اكتفوا بقولهم: (إليك البيانَ بمعنى تنحَّ) أي ابتعد، كما فعل السيوطي في (همع الهوامع). قال سيبويه في (الكتاب): "وإليك إذا قلت تنحَّ". وفي شرح الكافية للرضي، وشرح ألفية ابن مالك للأشموني نحو من ذلك.
على أن في كلام كثير من المحققين ما يؤكد صحة قولهم (إليك هذا) بمعنى (خذه) أيضاً. فقد حكى الجوهري صاحب الصحاح بيتاً للقطامي وهو شاعر أموي، ففسر فيه (إليك إليك) بمعنى (خذ). قال القطامي:
إذا التيَّاز ذو العضلات قلنا
إليك إليك ضاق بها ذراعا
يصف الشاعر ناقة قوية مستعصية فيقول: إذا قلنا للتيَّاز -بتشديد الياء- أي القوي (إليك إليك) أي خذ هذه الناقة لتروضها ضاق بها ذراعاً لاستعصائها.
قال الإمام ابن برّي في تعقيبه على رواية الجوهري: "هكذا أنشده الجوهري وغيره: إليك إليك، ونشر في شعره أن -إليك- خذها لتركبها وتروضها. وهذا فيه إشكال لأن سيبويه وجميع البصريين ذهبوا أن -إليك- بمعنى تنحَّ وأنها غير متعدية إلى مفعول". وإذا كان ابن برّي قد أشار إلى الإشكال في مخالفة الجوهري لما نص عليه الأئمة الأوائل فيما تعنيه هذه الأداة، فقد أكد في كلامه صحة رواية البيت ومعناه كما أنشده الجوهري. وشعر القطامي مما يُعتد به والجوهري محقق ثبت. ويؤيد ما ذهب إليه الجوهري ما جاء في شرح ديوان الحماسة. فقد حكى المرزوقي قول الشاعر (حُجيَّة بن المُضرَّب) يخاطب زوجته:
تلوم على مالٍ شفاني مكانه
إليكِ فلومي ما بدا لك واغضبي
قال المرزوقي: "والمعنى اجمعي أمركِ واستمري في عتبكِ وغضبكِ ما بدا لك".
وقد جاء في الكليات لأبي البقاء الحسيني الكفوي: "وإليك كذا أي خذه ... وإليك عني أي أمسك وكف -1/ 278"، فأثبت للأداة المعنيين جميعاً. وكذلك فعل الشيخ مصطفى الغلاييني في كتابه (جامع دروس اللغة العربية) إذ قال: "إليك عني بمعنى تنحَّ عني، وإليك الكتاب بمعنى خذه". ولا عذر للأستاذ زين العابدين التونسي في اقتصاره على معنى واحد من معنيي الأداة في كتابه (المعجم في النحو والصرف)، إذ قال: "إليك اسم فعل أمر غير متعدّ مثل إليك عني أي تنحَّ، وفاعله ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت! وقد صدر عام 1971.
ولذا قل: إليك عني بمعنى أمسك، وإليك البيانَ بمعنى خذه، والبيان مفعول به، فكلاهما صحيح. وقد بحث هذا الأستاذ المحقق محمد علي النجار في كتابه (لغويات/48) فانتهى إلى مثل ما انتهينا إليه.
ـ[محمد بن إبراهيم]ــــــــ[04 - 03 - 2012, 07:31 م]ـ
جزاك الله خيرًا، وبارك فيك.
قال ناظرُ الجيشِ في شرح التسهيل (3894 - 8/ 3895): (قال الشيخ-يريد أبا حيان-: هذا الذي ذكره [يريد قول ابن مالك: و (إليكَ) و (إليَّ) بمعنى (تنحَّ) و (أتنحَّى)] هو مذهب البصريين، أي: في كونها لازمة، وزعم الكوفيون أنها تتعدى، فتقول: إليك زيدًا، أي: أمسك زيدًا، ولذلك اختلفوا في قولِهِ:
إذا التَّيَّازُ ذو العضلاتِ قلنا ** إليكَ إليكَ ضاقَ بها ذِراعا
فقدَّرَهُ البصريون: تأخَّرْ تأخَّرْ، وقدَّرَه الكوفيون: أمسكْ أمسكْ، قال: والصحيحُ ما ذهبَ إليه البصريُّونَ إذْ لا يُحْفَظُ من لسانِ العربِ متعديًا، لكنه قال-تبعًا لابن عصفور-: وساغَ أن يتعدى فعلُ المضمرِ المتصلِ إلى مضمرِهِ المتصلِ في اللفظِ لأنه في التقديرِ على حذفِ مضافٍ، أي: إلى جهتِكَ. انتهى
وهو كلامٌ عجيبٌ-الكلامُ لناظرِ الجيشِ-، فإنه يقتضي أنَّ اسمَ الفعلِ هو (إلي) وحدَها، وأنها ناصبةٌ للكافِ، وليس الأمرُ كذلك، بل (إليك) بجملتِهِ هو اسم الفعل نقِلَ، وسمي به، وبعد النقلِ لا نظرَ إلى أجزاءِ الكلمةِ، وليس ثَمَّ إلا ضميرٌ واحدٌ مرفوعٌ بجملة (إليك) الذي هو اسم الفعلِ، وهذا أمرٌ لا يرتاب فيه، ولا يجوز أن يظَنَّ خلافُهُ.)
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 962