اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 85
الأهمية المعنوية في نحو سيبويه
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[30 - 04 - 2014, 01:10 م]ـ
الأهمية المعنوية في نحو سيبويه
باب الاستقامة من الكلام والإحالة (1)
عقد سيبويه في كتابه بابا سماه: باب الاستقامة من الكلام والإحالة فقال:"فمنه مستقيم حسن، ومحال، ومستقيم كذب، ومستقيم قبيح، وما هو محال كذب"ولم يوضح لنا سيبويه سبب تصنيف الكلام على هذا النحو أو ذاك، والذي أعتقده هو أن السبب في ذلك يعود إلى الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية بين أجزاء التراكيب، "فأما المستقيم الحسن فقولك: أتيتك أمس، وسآتيك غدا"فالجملة الأولى مبنية على الفعل أتيتك (المبني عليه) وهو واقع في الزمن الماضي، ولهذا فهو يقبل أن تبنى عليه الكلمات التي تتوافق معه معنويا، مثل كلمة أمس، ومثل ذلك الجملة الثانية: ساّتيك غدا، فهذه الجملة مبنية على الفعل المسبوق بالسين، والذي يدل على المستقبل، ولهذا فهو يقبل الكلمات التي تتوافق معه معنويا، مثل كلمة غدا، ولو عكسنا وقلنا: أتيتك غدا وساّتيك أمس لتحول الكلام إلى المحال، بسبب عدم الاحتياج المعنوي بين المبني عليه والمباني، لأن الفعل أتى يدل على الماضي وسآتيك يدل على المستقبل.
وأما المستقيم الكذب فكقولك: حملت الجبل، وشربت ماء البحر، ونحوه، ويظهر من الأمثلة التي ضربها سيبويه أن المستقيم الكذب هو الذي يشتمل على الخيال والمجاز والمبالغة أو (عكس الحقيقة)، أو المعنى غير الحقيقي، ومن هذا النوع معظم البلاغة العربية، كالتشبيه والاستعارة والمجاز ...... إلخ، ويمكن تحويل المستقيم الكذب إلى مستقيم حسن، كأن نقول: حملت الكتاب، وشربت كأس الماء، مثلا، فهنا تؤدي الجملة معنى حقيقيا، لأن الفعل حمل يدل على محمول معقول كما أن الفعل شرب يدل على مشروب معقول وليس فيه مبالغة، وهذان الفعلان لا يدلان على الجبل والبحر، ولهذا فهما لا يلتقيان في الحقيقة بل في الكذب والمجاز.
وأما المستقيم القبيح، فأن تضع اللفظ في غير مواضعه، نحو قولك: قد زيدا رأيت، وكي زيد يأتيَك، وفي الأمثلة السابقة تمت إعادة توزيع الرتبة، حيث تم ارتباط قد مع (زيدا) وحقها أن ترتبط مع الفعل، كما ارتبطت كي مع (زيد) وحقها أن يليها الفعل، وعدم الاحتياج المعنوي واضح بين أجزاء التراكيب مما أدى إلى تصنيفها في خانة المستقيم القبيح.
أما المحال فأن تنقض أول كلامك بآخره فتقول: أتيتك غدا وسآتيك أمس، ويظهر من هذه الأمثلة أن الاحتياج المعنوي مفقود بين عناصر هذين التركيبين، مما أدى إلى تصنيفهما في خانة الكلام المحال.
أما المحال الكذب فهو الذي يشتمل على المبالغة والخيال والمجاز (عكس الحقيقة) أوالمعنى غير الحقيقي بالإضافة إلى التناقض المعنوي مثل: سوف أشرب ماء البحر أمس.
ولهذا فالكلام يقوم على الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس، والإنسان يتثقف لغويا ويتحدث بمسويات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس.
==================================================
((1) سيبويه: الكتاب، ج 1،ص ص25 - 26
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 85