اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 791
وقال تعالى: " ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون "، إن شئت جعلت وتكتموا على النهي، وإن شئت جعلته على الواو.
وقال تعالى: " ياليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين ". فالرفع على وجهين: فأحدهما أن يشرك الآخر الأول. والآخر على قولك: دعني ولا أعود، أي فإني ممن لا يعود، فإنما يسأل الترك وقد أوجب على نفسه أن لا عودة له البتة ترك أو لم يترك، ولم يرد أن يسأل أن يجتمع له الترك وأن لا يعود. وأما عبد الله بن أبي إسحاق فكان ينصب هذه الآية. وتقول: زرني وأزورك، أي أنا ممن قد أوجب زيارتك على نفسه، ولم ترد أن تقول لتجتمع منك الزيارة وأن أزورك، تعني لتجتمع منك الزيارة فزيارةٌ مني، ولكنه أراد أن يقول زيارتك واجبةٌ على كل حال، فلتكن منك زيارةٌ. وقال الأعشى:
فقلتُ ادْعِي وأدُعْو إنَّ أنْدَى ... لِصَوْتٍ أنْ يُنادِيَ دَاعِيانِ
ومن النصب أيضاً قوله:
لَلُبْسُ عَباءةٍ وتَقَرَّ عيني ... أحبُّ إلىّ من لُبْسِ الشُّفُوفِ
لما لم يستقم أن تحمل وتقر وهو فعلٌ على لبس وهو اسمٌ، لما ضممته إلى الاسم، وجعلت أحب لهما ولم ترد قطعه، لم يكن بدٌ من إضمار أن. وسترى مثله مبيناً.
وسمعنا من ينشد هذا البيت من العرب، وهو لكعبٍ الغنوي:
وما أنا للشيء الذي ليس نافِعِي ... ويَغْضَبَ منه صاحِبي بقَؤُولِ
والرفع أيضاً جائزٌ حسن، كما قال قيس بن زهير بن جذيمة:
فلا يَدْعُني قومي صَريحاً لُحرّةٍ ... لئن كنتُ مقتولا ويَسْلمُ عامرُ
ويغضب معطوف على الشيء، ويجوز رفعه على أن يكون داخلاً في صلة الذي.