اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 78
دور الأهمية المعنوية في تمايز إعراب التراكيب
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[01 - 05 - 2014, 08:09 م]ـ
دور الأهمية المعنوية في تمايز إعراب التراكيب
يمكن تحليل التراكيب بناء على مراعاة الاحتياج المعنوي ومنزلة المعنى بين أجزاء التركيب، أو بين الطالب والمطلوب، وتختلف التراكيب في إعرابها نظرا لاختلاف العلاقات المعنوية بين أجزاء التركيب، فمعيارالتمايز هو الأهمية المعنوية والاحتياج المعنوي بين أجزاء التركيب وذلك كما يلي:-
أولا: تمايز الإعراب في إطار العلامة الإعرابية (علامة أمن اللبس):-
كما في المثالين التاليين:
مررت بالفقيرِ المحتاجُ
مررت بالفقيرِ المحتاجَ
وكلمة المحتاج الأولى ليس لها علاقة معنوية بما قبلها لأنها مرفوعة وما قبلها منصوب فهي ليست صفة، وهي مبنية على شيء محذوف تقديره (هو) وهو المبتدأ المبني عليه، وكلمة المحتاج هي الخبر أو المبني، وهي مطلوبة لذلك المبتدأ المحذوف. والمحتاج الثانية ليست لها علاقة معنوية بما قبلها، فهي مبنية على الفعل المحذوف (المبني عليه) وتقديره أعني أو أخص أو أمدح أو أذم والمفعول مبني على الفعل ومطلوب له بسبب الاحتياج المعنوي أو منزلة المعنى.
ثانيا: تمايز الإعراب في إطار الصيغة:-
المقصود بالصيغة هو الشكل البنيوي للوظيفة النحوية
نقول: أقام زيد؟ وأقائم زيد؟
قام: فعل ماض مبني على الفتح
وزيد في الأولى مبني على الفعل (المبني عليه) وهو فاعل لأنه قام بالفعل والفعل بحاجة إلى الفاعل، وقائم في الثانية يجوز فيه وجهان، الوجه الأول: مبتدأ، وزيد: فاعل اسم الفاعل سد مسد الخبر.
وقد جاز فيه هذا الوجه لأن اسم الفاعل صار مبنيا على همزة الاستفهام أو كما قال النحاة: معتمدا على همزة الاستفهام، واعتماده على الهمزة يعني أنه لم يعد مبنيا على المبتدأ المؤخر، ولو لم يبن على الهمزة لما صح فيه هذا الإعراب، وفي هذه الحالة صاريطلب ما يطلبه الفعل.
الوجه الثاني: خبر مقدم وزيد مبتدأ مؤخر.
قال تعالى:"وتبتل إليه تبتيلا"
ونقول: تبتل إليه تبتلا"
وتبتيلا: نائب عن المفعول المطلق لأنه مصدر لفعل اّخر غير هذا الفعل وهو " بتّل"مما أدى إلى ضعف العلاقة المعنوية بينهما، أما تبتلا فهو مفعول مطلق لأنه المصدر الأصلي للفعل.
ثالثا: تمايز الإعراب في إطار الرتبة:-
نقول: ما قام أحد إلا زيدا أو زيد
ونقول: ما قام إلا زيدا أحد
وزيد في الأولى بدل من أحد على أساس (قام أحد زيد) وزيدا مستثنى على أساس أستثني زيدا، فعلاقة البدل مع المبدل منه وعلاقة المستثنى مع إلا أو أستثني، أما في الثانية فلا يصح البدل لأن البدل لا يتقدم على المبدل منه والرتبة بينهما محفوظة، ولهذا ينتفي البدل ويبقى الاستثناء. ولهذا قال النحاة: إن المستثنى إذا تقدم على المستثنى منه وجب نصبه على الاستثناء.
رابعا: تمايز الإعراب في إطار الوقف:-
قال تعالى"ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين"صدق الله العظيم
إن وقفنا بعد الكتاب فالكتاب خبر، وإن وقفنا بعد لا ريب فالكتاب بدل، وفيه خبر هدى، وإن وقفنا بعد فيه، فهدى خبر لمبتدإمحذوف تقديره هو
خامسا: تمايز الإعراب في إطار التلازم:-
قال تعالى: واسأل القرية""هذه الأية من المجاز المرسل، والأصل في هذه الأية هو الجملة التالية: واسأل أهل القرية، ولكن نتيجة التقاء السؤال مع غير العاقل تحولت من الحقيقة إلى المجاز، ونتيجة لحذف العنصر الأول من المتلازمين على محور الاختيار وهو كلمة "أهل"انتقلت كلمة القرية وهي العنصر الثاني إلى جانب الفعل بسبب الحاجة إليها، وقد تغيرت العلامة من الجر إلى النصب بسبب تغير المبني عليه، فبعد أن كانت مبنية على المضاف صارت مبنية على الفعل وهذا سيؤدي طبعا إلى تغير إعرابها حيث سيرث المضاف إليه إعراب المضاف ويتحول من مضاف إليه إلى مفعول به، وقريب من هذا: صليت في الجامع بدلا من صليت في المسجد الجامع حيث وقعت الصفة مكان الموصوف وتحول الإعراب من نعت مجرور إلى اسم مجرورنتيجة لتغير العلاقات المعنوية داخل التركيب
سادسا: تمايز الإعراب في إطار الأداة:-
نقول: قام القوم إلا زيداً
ونقول: قام القوم غير زيدٍ
ونقول: قام القوم عدا زيدٍ
ونقول: قام القوم خلا زيداً
وزيدا في الأولى مستثنى منصوب لأنه مسبوق بالأدة"إلا" ومعناها أستثني، وفي الثانية مضاف إليه، وفي الثالثة اسم مجرورلأنه مسبوق بحرف الجر، وفي الرابعة مفعول به، لأنه وقع عليه فعل الفاعل. وهذا الإعراب المتمايز ينبع من الاحتياج المعنوي وتغير العلاقات المعنوية بين الطالب والمطلوب.
سابعا: تمايز الإعراب في إطار الربط:
نقول: زيدا رأيت
ونقول: زيد رأيته
وزيدا الأولى مفعول به للفعل المتأخر لأن الفعل مازال محتاجا إليه وهو مبني على الفعل رغم تقدمه، وفي الثانية زيد مبتدأ لأن الفعل لم يعد بحاجة إليه حيث انشغل بالضمير وتحول المبتدأمن مبني إلى مبني عليه.
فالإعراب يقوم على الاحتياج المعنوي بين الطالب والمطلوب، والإنسان يتحدث تحت رعاية الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس.
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 78