ـ[أحمد بن حسنين المصري]ــــــــ[30 - 11 - 2012, 09:12 م]ـ
قال الشيخ الحازمي في شرح الرحبية:-
التعصيب مصدر عَصَّبَ يُعصِّبُ تَعْصِيبًا لأنه فعَّل، وفعّل كَلَّّمَ يُكَلِّمُ تَكْلِيمًا، عَلَّمَ يُعَلِّمُ تَعْلِيمًا. إذًا التعصيب هذا مصدر، وعَصَّبَ بتشديد الصاد فعَّل يُعَصِّبُ تَعْصِيبًا، تَعْصِيبًا هذا لا حاجة لأن يذكره الشارح لأنه هو المحدث عنه كان الأولى حذفه فهو عاصب، هل اتفقا عَصَّبَ يُعَصِّبُ تَعْصِيبًا فهو عَاصِب؟ يتفق؟ فهو مُعَصِّب [نعم أحسنت] هذا الذي يتفق، لكن عَاصِب هذا مصدر عَصَبَ كضَرَبَ فهو عَاصِب، وإن كان هذا المشهور عن ألسنة الفرضيين، يقولون: عاصب ويقولون باب التعصيب حينئذٍ أخذوا التعصيب من عصّب وأخذوا عاصب، عاصب. ويقولون: باب التعصيب، حينئذٍ أخذوا التعصيب من عصّب، وأخذوا عاصب من عَصَبَ، وهذا لا إشكال فيه. لكن قوله: فهو عاصبٌ قد يوحي أو يشير إلى أنه عاصب اسم فاعل مأخوذ من عَصَّبَ وليس الأمر كذلك، بل هو مُعَصِّب، فهو عاصب بيان لاسم الفاعل وكان حق العبير مُعَصِّب لأنه هو اسم فاعل لعَصَّبَ، وأما عَاصِب فهو اسم فاعل لعَصَبَ كضَرَبَ عَاصِب، مثل قَتَلَ فهو قاتل، وضَرَبَ فهو ضارب عَصَبَ فهو عَاصِب، أما مُكَلِّم ومُعَلِّم ومُعَصِّب هذا لفعّل، يأتي على وزن مُفَعِّل لأنه من غير ثلاثي، كل ما كان ليس أصله ثلاثيًّا حينئذٍ يأتي على مُفْعلْ هذا هو الأصل، ويجمع العاصب على عَصَبَة، عاصب اسم فاعل يُجمع على عَصَبَة هذه يبين لك اصطلاحات الفرضيين، يجمع العَاصِبُ على عَصَبَة مثل طَالِبُ وطَلَبَة، عَاصِب عَصَبَة، والعَصَبَة جمع يجمع كذلك على عَصَبَات، فعصبات جمع الجمع، مثل قَصَبَة وقَصَبَات، وجمع الجمع هذا سماعي ليس قياسيًا، جمع الأول عَصَبَة هذا لا إشكال فيه أنه قياسي، وأما جمع الجمع كله في لسان العرب كله سماعي يعني ليس له ضوابط، بل قيل: بأن جمع التكسير كله سماعي، وقيل بعضه قياسي، ثم اختلفوا فيه على كلام طويل عريض، ويجمع الْعَصَبَة وهو جمع على عَصَبَات كقَصَبَة وقَصَبَات، وعَصَبَات جمع الجمع، ويسمى بالعصبة الواحد وغيره، يقال زيد عصبة والزيدان عصبة والزيدون عصبة، واحد، مثل قولك زيدٌ عدلٌ والزيدان عدل والزيدون عدل هل بينهما فرق؟ نعم بينهما فرق، زيدٌ عدلٌ الزيدان عدلٌ مصدر والمصدر يخبره عن الواحد والاثنين والجمع، وأما عصبة قلنا: هذا جمع فكيف يستوي؟ هذا قد يقال: بأن له استعمالين يعني ثَمَّ تعارض بين ما بدأ به الشارح وبين قوله الأخير، ويسمى بالعصبة الواحد وغيره، يعني يطلق على الواحد عصبة فيقال: زيد عصبة، وعلى الاثنين الزيدان عصبة وعلى الجمع فيقال الزيدون عصبة، كما نقول: زيد عدل والزيدان عدلٌ والزيدون عدلٌ. وظاهر هذا أنه اسم جنس إفرادي، وهذا يخالف قوله ما سبق أنه جمع لعاصب إلا أن يقال: إن فيه استعمالين يستعمل جمعًا، ويستعمل اسم جنس إفرادي. إذًا ليس هو السابق وإنما هكذا ابتداءً عصبة نوعان: عصبة جمع لعاصب، وعصبة اسم جنس إفرادي. من أجل أن يصح التعبير لأن الذي يخبر به عن الواحد والاثنين والجمع ويستوي اللفظ دون تغيير له بإلحاق علامة التثنية أو إلحاق علامة جمع هو الجنس الإفرادي، وأما الذي يكون جمعًا فلا يصح هذا، إنما نقول: زيد عصبة والزيدان عصبتان والزيدون عصبات. هذا الذي يناسبه، وأما اتحاد اللفظ فحينئذٍ لا بد أن يكون اسم جنس إفرادي.
ـ[(أبو إبراهيم)]ــــــــ[30 - 11 - 2012, 10:04 م]ـ
بارك الله فيك أخي أحمد، وجزاك خيرا على ما تبذله من جهد في البحث.
ولم أجد بعد التأمل فيما أضفتَه بعد منازعتي الأولى شيئا جديدا، فقد ذكرتُ لك أنَّ الصَّواب في ضبط الفعل التشديد (عصَّب) فهو المعروف في اصطلاح الفرضيين، لأن الكلمة المقصود ضبطها واردة في كتاب وضع في علم الفرائض، فلا بد أن يكون ضبطه على ما عرف من اصطلاحهم، ولا يصح ترك ما اصطلحوا عليه - إن لم يكن مخالفا لقواعد اللغة - والرجوع عند الضبط إلى ما ورد في المعاجم اللغوية التي لا تستوعب جميع تصاريف الكلمة، وإنما تأتي على ذكر ما غلب استعماله عند العرب. ولا يلزم في صحة استعمال صيغة من تلك التصاريف اصطلاحا لعلم ما وروده على هذه الصيغة في المعاجم اللغوية.
فالفعل - قبل التضعيف - من باب (ضرب) ولا اختلاف في ذلك، لكنه لم يستعمل عند الفرضيين على هذه الصيغة، أو قل: لم يشتهر استعماله عندهم عليها، ولذا جعلوا عنوان هذا الباب (باب التعصيب)، ثم اصطلحوا على تسمية الفاعل منه (عاصبا) أخذا من الفعل الثلاثي، ولو قلت في تسميته (معصب) لأصبت القياس اللغوي على ما قرره اللغويون، وأخطأت ما غلب استعماله اصطلاحا عند الفرضيين.
فلا إشكال في ضبطه بالتضعيف - كما وجدت عند الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى - من حيث اللغة كما تبين، والله تعالى أعلم.
وجزى الله الشيخ الحازمي خيرا على تفصيله الجميل، وهو معروف بهذا التفصيل والإطناب في جميع دروسه.
¥
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 674