responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 46
.................................................
الكلام الفصيح يحكمه أمران: المعنى والصناعة، أو المعنى والمبنى، والمراد بالمبنى الاستعمال العربي الأصيل الذي جرى عليه قول الفصحاء المستشهد بكلامهم؛ فإذا صح المعنى والمبنى فالكلام فصيح، وإذا اختل أحدهما فالكلام غير فصيح.
...........................
والخلاف بين أستاذتنا ذات المنطق وأستاذنا أبي صالح، في نحو (كانت لتشرب الشاي) - على اعتبار كان تامة- خلاف معنوي، بدليل أن أستاذنا أبا صالح يقبل البناء نفسه في (كانت آمنة لتلد محمدا:=)، فالمبنى صحيح ولا فرق بين الجملتين من جهته، وهذا ما يجعل أستاذتنا ذات المنطق لا ترى بأسا من استعماله، مع إقرارها باختلاف المعنى من جهة (أهمية الغرض)؛ فالغرض في إحدى الجملتين (عظيم) وفي الأخرى (تافه).
وما تدركه أستاذتنا وتقر به، هو عينه سبب رضا أستاذنا أبي صالح إحدى الجملتين ونفوره من الأخرى.
وسبب نفوره - وأراه محقا في ذلك - هو جعل علة وجود المرأة في الكون شرب الشاي فقط؛ لأن لام التعليل تفيد العلة وكان التامة تفيد الوجود في الكون؛
فلو كان خلق آمنة لعلة واحدة هي ولادة محمد:= سائغة عقلا، فعلة خلق المرأة الأخرى لشرب الشاي فقط علة غير سائغة عقلا، لذا يستبعدها العقل - لا شعوريا- ويبدو الكلام غامضا للمتلقي. وذلك ليس لتفاهة الغرض فحسب بل لاتساع الفجوة بين العلة والمعلول، بين الحدث وعلة حدوثه .. ولا أظن ذلك خاصا باللغة العربية، ففي الانجليزية مثلا ما يشبه هذا ويسمى (anticlimax) وهو عيب ما لم يكن مقصودا للسخرية مثلا.
لو قلت: كان حضوري لأسمع الدرس، كان الكلام سائغا، لأن علة حضوري سماع الدرس، وهي علة مناسبة لحدث الحضور. وساغ أيضا تحويل المصدر المؤول إلى مصدر صريح (الذي هو علة الحدث المسبوق بلام التعليل)، فأقول: كان حضوري لسماع الدرس.
ولو قلت: كنت لأسمع الدرس، كان البناء صحيحا - بغض النظر عن المعنى-، وكان المعنى غير سائغ، لأنني جعلت سماع الدرس علة وجودي في الكون، وهي علة غير صحيحة وغير مناسبة للحدث، ولا يسوغ أيضا جعل المصدر المؤول صريحا بعد لام التعليل، فأقول: كنت لسماع الدرس، ولن يفطن السامع لمرادي، لعدم وجود القرينة على هذا المراد. وكذلك لو قلت عن المرأة (شريبة الشاي): كانت لشرب الشاي.
............................................
الخلاصة:
التركيب صحيح، والمعنى المناسب مع التركيب الصحيح معا هما اللذان يجعلان الكلام فصيحا.
قد يسوغ هذا التركيب مع اتساع الفجوة بين الحدث وعلة حدوثه إذا دل على المراد دليل من قرينة حالية يدركها المتلقي وتسوغ فيها المبالغة، كأن يقول رجل لامرأة يحبها - مثلا - كنتُ لأحبك، أو كنتِ لتسعديني ... ونحو ذلك مما تجوز فيه المبالغة ومخاطبة العاطفة لا العقل ...
التوصية:
تجنب مثل هذا التركيب إلا ما كان معناه قريبا لا يحتاج كد ذهن
ومن أقوالهم: لا يوصف الكلام بالبلاغة حتى يتسابق لفظُهُ معناه ومعناه لفظهُ فلا يكون لفظهُ إلى سمعك أقرب من معناه إلى قلبك.
البلاغة هِيَ التَّعْبِير عَن الْمَعْنى الصَّحِيح لما طابقه من اللَّفْظ الرَّائِق من غير مزِيد على الْمَقْصد وَلَا انتقاص عَنهُ فِي الْبَيَان
هذا رأي لا حكم، مصحوبا بكل تقدير واحترام للمستشيرين.

اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 46
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست