اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 2286
الجموع لديهم طلبوا تخفيفَه؛ مع كونه جمعًا، والجمع أيضًا أثقلُ من المفردِ.
الرابع: ما كان علمًا مختومًا بألف الإلحاق. وعلته مركبة من طلبه التخفيف لكثرة الاستعمال لكونه علمًا، ومن مشابهته ألف التأنيث في اللفظ وفي الزيادة. فإن قلتَ: فلِم لم يمتنع من الصرف نكرةً؟ قلتُ: لضعف العلة الموجبة لذلك؛ فلما انضمَّ إليها علة أخرى قويت. فإن قلتَ: فلم يُصرف إذا أضيف أو لحقته أل؟ قلتُ: لأن العلمَ لا يضاف ولا تدخله أل إلا إذا قُدّر فيه الشياع ونُكِّرَ؛ ومتى نُكّر زالت العلة المانعة من الصرف. فإن قلتَ: فلم اقتضت العلمية المنع من الصرف؟ قلتُ: لأن العلمَ مما يطلبُ التخفيف لكثرة استعماله؛ ألا تراهم لا يجيزون ترخيمَ غيرِ العلمِ إلا ما خُتِم بتاء تأنيث؟ فإذا كانوا لا يرون بأسًا أن يحذفوا منه حرفًا أصليًّا فلحذف حرف زائدٍ أولى وأيسر.
الخامس: المؤنث العلم؛ وذلك أن العلم موضع تخفيف كما قدمنا، والمؤنث يكون كثيرًا بالتاء، وقد علمتَ أن التاء تحذف في الترخيم مطلقًا؛ فكأنهم أجروا ما كان بغير التاء مُجرى ما كان بالتاء، فمنعوه من الصرف. وإذا أضافوه أو أدخلوا عليه أل صرفوه لخروجه عن العلمية؛ لأنه متى زالت العلة زال الحكم.
السادس: المركب المزجي العلم، وعلة منعه كونه علمًا؛ والعلم كما ذكرنا موضع تخفيف؛ فإذا انضاف إلى هذا كونه مركبًا، وكون تركيبه مزجيًّا كان مستثقلاً استثقالاً. وذلك أن المركب المزجي يكون جزؤه الآخِر بموضع التاء من الكلمة؛ فهو منها؛ ألا ترى أن الإعراب انتقل إليه كما انتقل الإعراب إلى التاء وإلى ياء النسب؛ بخلاف المركب الإضافي؛ فهو كلمتان لا كلمة. أما المركب الإسنادي فمحكيّ لا يبدَّل فيه. وإذا أضيف المركب المزجي أو لحقته أل خرج عن العلمية.
السابع: العلم المختوم بألف ونون زائدتين. وعلته مركبة من كونه علمًا؛ والعلم موضع تخفيف، وكراهية توالي الزيادات. وإذا أضيف أو لحقته أل خرج عن العلمية.
الثامن: العلم الأعجمي. وعلة منعه من الصرف مركبة من كونه علمًا؛ وهي علة غير كافية؛ ألا ترى أنك لا تمنع نحو (محمدٍ) من الصرف؛ فلا بدَّ أن ينضمَّ إليها علة أخرى سالمة من القدح؛ وهي أن الأعجمي يكون غالبًا على أبنيةٍ غيرِ جاريةٍ على أبنية العرب؛ فيستثقلونه، ويمنعونه من التنوين؛ لأن التنوين (علامة للأمكن عندهم والأخفّ عليهم، وتركه علامة لما يستثقلون [1] (http://www.ahlalloghah.com/editpost.php?do=editpost&p=910#_ftn1)) . ودليل ذلك أن العلم الأعجمي إذا كان ثلاثيًّا انصرف؛ وذلك لخفته. وهذا يبطل اعتلالَ النحاة، وينصُر اعتلالنَا؛ فإنه فرعيّ من وجهين، ومع ذلك انصرف؛ فتبيَّن من بعدُ أن العرب لم يريدوا ما زعم النحاة؛ وإنما أرادوا ما ذكرنا. وغالب علل العرب مبنية على الاستثقال؛ فتأمَّل تجِد ذلك بيِّنًا.
التاسع: العدل؛ ويحتاج إلى نظر وتأمَّل؛ ونحن في السبيلِ إلى استنباط علته – والله المعين -.
العاشر: ما كان علمًا أو وصفًا على وزن الفعل. وعلة ذلك ظاهرة لو تدبَّرَ النحاةُ وفكَّروا بعقولهم، وجروا في اعتلالهم على مقاصد العرب الأميين، لا على المنطق اليونانيّ. وعلته في العلم طلبه التخفيف مع مشابهة لفظ الفعل؛ والعرب تقيس الشيء على الشيء إذا أشبهه فتعطيه حكمَه.فكأنهم شبهوا هذا الضرب من الأسماء بالفعل لجريانِه على زنتِه؛ فإذا قالوا: (أحمد) علمًا لاحظت عقولهم شبهه بالفعل (أحمد)، والفعل لا ينصرف فكذلك ما أشبهه. أما ما كان وصفًا على زنة الفعل فعلته ظاهرة؛ وهي شبهه بالفعل لفظًا ومعنىً؛ ولذلك إذا لحقته التاء نحو (أرملٍ وأرملةٍ) ضعف شبهه بالفعل؛ فانصرف؛ لأن الفعل لا تلحقه التاء. ومتى أضيف العلم من ذلك أو لحقته أل قُدر تنكيره فتزول علته، ومتى أضيف الوصف أو لحقته أل ضعف شبهه بالفعل فانصرف؛ لأن الفعل لا يضاف ولا تلحقه أل.
[1] (http://www.ahlalloghah.com/editpost.php?do=editpost&p=910#_ftnref1) من كلام سيبويه – رحمه الله - /1/ 22.