اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 2189
سؤال: لم لا يصح أن يتعدى (عرف) إلى مفعولين؟
ـ[سعود العامري]ــــــــ[13 - 08 - 2008, 10:02 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
مقدمة السؤال , يقول النحاة: المعرفة تتعدى الى مفعول واحد فتقول عرفت زيداً
واما العلم فيتعدى الى مفعولين فتقول علمت زيداً صالحاً.
السؤال هو: لما لا يصح ان نقول عرفت زيدا صالحاً؟
ـ[عبد الوهاب الغامدي]ــــــــ[14 - 08 - 2008, 10:30 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
أولاً: لا يصح أن تقول (لما لايصح)، بل تقول (لم لا يصح) لأن (ما) الاستفهامية إذا دخل عليها حرف الجر حذفت ألفها فرقاً بينها وبين (ما) الموصولة أو الشرطية أو المصدرية، قال ابن مالك:
و (ما) في الاستفهام إن جُرَّت حُذِفْ ... ألفها ...
ثانياً: (علم) من أفعال القلوب تفيد اليقين أو الرجحان، والغالب أنها لليقين، وهي تدخل على الجملة فتغير المبتدأ والخبر إلى مفعولين لها، فهي بهذا تتعدى إلى مفعولين، ومنه قوله تعالى ((فإن علمتموهن مؤمناتٍ))، فإن جاءت (علم) بمعنى (عرف) فتنصب مفعولاً واحداً نحو: علمت الخبر أي: عرفته، قال تعالى ((والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً))، وقال تعالى ((وآخرين من دونهم لا تعلمونهم)) قال ابن مالك:
لعلم عرفان وظن تهمة ... تعدية لواحد ملتزمة.
وذلك أن هناك فروقاً بين العلم والمعرفة، قال ابن القيم في مدارج السالكين (3/ 335) ((والفرق بين (العلم) و (المعرفة) لفظاً ومعنىً، أما اللفظ: ففعل المعرفة يقع على مفعول واحد، تقول: عرفت الدار، وعرفت زيداً، قال تعالى ((فعرفهم وهم له منكرون)) وقال ((يعرفونه كما يعرفون أبناءهم)) وفعل (العلم) يقتضي مفعولين، كقوله ((فإن علمتموهن مؤمنات))، وأما الفرق المعنوي فمن وجوه:
(1) أن (المعرفة) تتعلق بذات الشيء، و (العلم) يتعلق بأحواله، فتقول: عرفت أباك، وعلمته صالحاً، ولذلك جاء الأمر في القرآن بالعلم دون المعرفة كقوله تعالى ((فاعلم أنه لا إله إلا الله))، فالمعرفة: حضور صورة الشيء ومثاله العلمي في النفس، والعلم: حضور أحواله وصفاته ونسبتها إليه، فالمعرفة: تشبه التصور، والعلم: يشبه التصديق.
(2) أن (المعرفة) في الغالب تكون لما غاب عن القلب بعد إدراكه، فإذا أدركه قيل عرفه قال تعالى ((وجاء إخوة يوسف فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون)).
(3) أن (المعرفة) تفيد تمييز المعروف عن غيره و (العلم) يفيد تمييز ما يوصف به عن غيره.
(4) أنك إذا قلت: علمت زيداً، لم يفد المخاطب شيئاً، لأنه ينتظر بعد: أن تخبره على أي حال علمته؟ فإذا قلت: كريماً أو شجاعاً حصلت له الفائدة، وإذا قلت: عرفت زيداً، استفاد المخاطب أنك أثبته وميزته عن غيره، ولم يبق منتظراً لشيء آخر.
(5) أن (المعرفة) علم بعين الشيء مفصلاً عما سواه، بخلاف (العلم) فإنه قد يتعلق بالشيء مجملاً، وعلى هذا الحد فإنه لا يتصور أن يعرف الله ألبتة، ويستحيل عليه هذا الباب بالكلية فإن الله سبحانه لا يحاط به علماً ولا معرفة ولا رؤية، فهو أكبر من ذلك وأجل وأعظم. انتهى باختصار.
وفي (المصباح المنير) ما نصه: ((عرفته: عِرْفة بالكسر، وعرفاناً: علمته بحاسة من الحواس الخمس)). فهو بهذا ليس من أفعال القلوب.
وإذا قلت مثلاً: عرفت زيداً صادقاً، فلا تعرب (صادقاً) على أنه مفعول ثانٍ لـ (عرف) بل هو حال.
ـ[ابن القاضي]ــــــــ[14 - 08 - 2008, 11:32 م]ـ
للفائدة:
التفريق بين علم العرفانية وعلم المتعدية إلى اثنين هو مذهب ابن الحاجب، وصريح اختيار ابن مالك، ونقل الصبان في حاشيته عن الرضي أنه قال: والفرق في العمل إنما هو باختيار العرب ولا مانع من تخصيصهم أحد المتساويين معنى بحكم لفظي.