responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 2157
ـ[أبو عبد الوهاب الجزائري]ــــــــ[01 - 09 - 2008, 05:36 م]ـ
بارك الله فيك أخي عبد العزيز وجزاك خير الجزاء وأوفره فقد دكرت نقولا علمية مفيدة جدا خاصة وأنها من جهابدة اللغة العربية.
إلا أن كلام الامام ابن مالك يدل على وجود مخالف له في المسألة ولدا أخي عبد العزيز أطلب منك ومن إخواني القراء نقل كلام الشيخ ابن عثيمين ومن وافقه في المسألة حتى تتضح المسألة إيضاحا لا شك فيه ولا غبار عليه.
والسلام عليكم

ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[02 - 09 - 2008, 03:03 ص]ـ
ألفاظُ اللغةِ وقوانينُها إنما وضعَها الناسُ لِما يقعُ تحتَ أنظارِهم من المخلوقاتِ؛ فلا يصِحّ أن تُختبَر بعرضِ أسماء الله جلَّ جلالُه وصفاتِه عليها. ولو أنّك ابتغيتَ في ما كانَ بسبيلٍ من هذا التكلَّفَ، واجتهدتَّ في مراعاةِ ذلكَ، للزمكَ طردُه في جميعِ أبوابِ النحوِ؛ ومن ذلك:
1 - بابُ المفعول به؛ فإنه في العربيةِ " ما وقع عليه فعلُ الفاعلِ "؛ فكيفَ تعربُ كلمة " الله " في نحوِ: (اتقِ اللهَ)؟! فإنه إما أن تعربَها مفعولاً بهِ؛ فتقعُ في أشنعَ مما فررتَ منه. وإما أن تقولَ: (ولفظ الجلالة: مفعول به)؛ فلا تكونُ محِقًّا، لأن المفعولية في الحقِّ ليست للفظِ الجلالةِ. وإما أن تغيّر مصطلح " المفعول به "؛ فتخالفَ حقيقتَه، وإجماعَ النحاةِ، وربّما تأتي بما لا يستقيمُ!

2 - بابُ صيغِ المبالغةِ؛ فكيفَ تقولُ في نحوِ: ((والله غفور رحيم)): إن (غفور) صيغةُ مبالغةٍ؛ إذ المبالغةُ توهِم تجاوُزَ القصْدِ. وهذا محالٌ هنا!

3 - صيغُ التعجُّبِ؛ وذلكَ نحوُ: (ما أعظمَ اللهَ)؛ فإن (ما) عند البصريين اسمٌ نكرةٌ بمعنى " شيء "؛ فكيفَ تقولُ: شيءٌ أعظمَ اللهَ؟ وبهذا احتجَّ الكوفيونَ على البصريينَ، والتمسَ البصريونَ المخارجَ من هذا بالتأويلِ.

4 - في ترتيبِ المعارفِ؛ وذلكَ أن بعضَهم قال: إنّ الضميرَ أعرفُ المعارفِ. فهل يكونُ ضميرُ " هو " مثلاً أعرفَ من لفظ " الله " العلمِ؟

5 - في بعضِ التعاريفِ، كقولِهم: (إن " مَن " للمذكَّر)، وهي مع ذلك تطلقُ على الله تعالَى، والله تعالَى لا يوصَف بهذا الوصفِ.

-والذي نرضاه في هذه المسألةِ أن نقولَ:
إن هذه الألفاظ الأصلُ فيها أن تكونَ للمخلوقاتِ، ثمّ لا يمتنعُ من بعدُ أن تُطلَقَ على الله تعالَى معَ بقاءِ تعريفِها على حالِهِ، أو بقاءِ معناها الأصليِّ من غيرِ تغييرٍ؛ ألا ترَى أن " المكرَ " في اصطلاح الناسِ غيرُ محمودٍ، ومع ذلك قالَ تعالى: ((ويمكرون ويمكر الله))؛ وإنما ذلكَ من قبيلِ المشاكلة اللفظية؛ وقد تعلمُ أنها تقتضي خروجَ اللفظِ عن أصلِ وضعِهِ.
أولا ترى كذلكَ أنّ (اليدَ) في عُرفِ الناسِ عُضوٌ مخلوقٌ له صفةٌ معيَّنةٌ، وفيه عُروقٌ، ولحمٌ، ودمٌ؛ ولكنّا لما وجدنا اللهَ تعالَى جعلَ لنفسه يدًا ((يدُ الله فوقَ أيديهم)) علِمنا أنّها يدٌ حقيقيةٌ؛ ولكنها ليست كأيدي البشرِ ذاتَ لحمٍ، ودمٍ، ونحوِهِ، ومع ذلكَ لم نقلْ: إنّ تصوّرنا، أو تعريفنا لليدِ غيرُ صوابٍ، كما إنه ليس يلزمنا أن نقولَ: إن " مَن " ليست للمذكَّر، بدليلِ أنّها تطلَق على الله تعالَى. وذلكَ أن الله أجلُّ وأعظمُ من أن تسعَه قواعدُ البشرِ، وقوانينُهم؛ فله صفاتُه التي تليقُ بهِ؛ فمعَ أن الضميرَ أعرفُ المعارفِ، فإن لفظ " الله " ينفَردُ بأنه أعرفُ من جميعِ الضمائرِ، وعامةِ الكلِمِ. ولذلكَ اختصّ هذا اللفظُ بخصائصَ ليست لغيرِهِ، كتفخيم لامِه، ومناداته مباشرةً، كأنّ في هذا إشارةً إلى قربِهِ من خلقِهِ، وإنكارًا للتوسُّلِ إليهِ بأحدٍ من خلقِه. ومنها قطعُ همزتِه في النداءِ، والتعويضُ عن حرفِ النداءِ بميم زائدةٍ، وخصائصُ أخَرُ.

فإن قيلَ:
فكيفَ إذًا نصِفُ الله تعالَى؟
قيلَ:
لا يُوصَف الله تعالَى إلا بما وصفَ بهِ نفسَه. أمّا الأسماء المبهَمة كالأسماء الموصولة، وأسماء الاستفهام، فإن الله تعالى يُوصَف بالأشرفِ من نوعيِها؛ فيوصفُ أو يُخبَر عنه بلفظ التذكير (مَن)، و (الذي) نحوِها، وإن كانَ لا يوصَف في ذاته بتذكيرٍ، ولا تأنيثٍ.

-ومتَى ثبتَ هذا، عُلِمَ أنَّ الأبوابَ التي أشرنا إليها = من التكلُّفِ التصرّفُ في أسمائِها، أو تعاريفِها، أو أحكامِها، لعارضٍ يتعلّقُ بالله تعالى؛ إذِ الله تعالَى كما ذكرنا فوقَ هذه القواعدِ، وفوقَ أن تسعَهُ.

-هذا شأنٌ، ثم يتبعُه شأنٌ آخرُ في الكلامِ على كلمة (عالِم)؛ فإن كانوا يريدونَ بهذه الكلمةِ الإطلاقَ، فهي منتقِضةٌ بتخلّف الاطّرادِ؛ إذ ليس كلّ (عاقل) (عالمًا). فإن قالوا: إنا نريدُ بذلك الاستعدادَ الفطريَّ لقَبول العلم؛ أي: العلمَ بالقوّةِ. قلتُ: فمَن قالَ: إنّ سائرَ الحيَوانِ خِلوٌ من العلمِ؟ فالله تعالى خلقَ خلقَه، وأعطى كلَّ صنفٍ منها ما يناسبُه من العلم؛ أوليسَ إطعامُ الطائرَ فرخَه عِلمًا؟ أوليس اهتداءُ السَّخلةِ إلى ضَرعِ أمّها علمًا؟ فهي تستوي والإنسانَ في العلمِ؛ ولكنّ الاختلافَ إنما هو في المقدارِ. وفي هذا انتقاضٌ للتعريفِ بتخلّفِ الانعكاسِ. وإن كانوا يريدون بالعلمِ شيئًا آخرَ اصطلحوا عليه، فلا أعرفُه.

وهذه المسألة واسعةٌ طويلةٌ، تحتاجُ إلى تفصيلٍ أزيدَ من هذا، لولا ضيقُ الوقتِ، وتراكمُ الشّغولِ.

والله تعالَى أعلمُ.

أبو قصي
¥

اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 2157
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست