responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 1841
النحو أحد علوم العربية
ـ[صلاح جاد سلام]ــــــــ[09 - 12 - 2008, 07:22 ص]ـ
اللغة العربية عظمة وثراء وخلود
النحو أحد علوم العربية

النحو:

اللحن هو مخالفة قواعد النحو، وهو داء يستشري في جسد أبناء العربية، لجهلهم قواعد النحو، الذي يمثل أحد علوم اللغة العربية الإثني عشر،

وإذن فاللحن دواؤه النحو،

ومن الجدير بالذكر أن هذا المرض العضال ابتدأ منذ زمن بعيد، وبالأحري في عهد أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، وذلك بعد أن فتحت الروم وفارس، إذ دخل هؤلاء وأولئك في الإسلام، والعربية جديدة علي ألسنتهم، ولذلك كان يعسر عليهم تمييز حركات الإعراب المتغيرة من الرفع إلي النصب إلي الجر في الأسماء والأفعال،

بل إن الأمر تعدي ذلك، فأصيب أبناء العرب الخلص بهذا المرض،

كيف ذلك؟

كانت اللغة العربية عند العرب ملكة في ألسنتهم، يأخذها الآخر عن الأول،

فلما فتحوا الممالك والأمصار غير العربية، فارقوا بلادهم، وهناك خالطوا أبناء العجم فتغيرت تلك الملكة بما ألقي إليها السمع من المخالفات التي يسمعونها من العجم،

وعليه فقد فسدت هذه الملكة اللسانية العربية شيئا فشيئا، حتي فشا اللحن بصورة تكاد تكون واضحة،

وقد كان العرب يستسمجونه، ويستقبحونه،

روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه مر بقوم يرمون فاستقبح رميهم،،

فقال: ما أسوأ رميكم،

فقالوا: نحن قوم (متعلمين)،

فقال: لحنكم عليّ أشد من فساد رميكم.

وهكذا كان اللحن قولا،

أما اللحن كتابة،

فقد بدأ كما تذكره الروايات وتتفق عليه من أن كاتبا لأبي موسي الأشعري كتب إلي عمر بن الخطاب رضي الله عنه (من أبو موسي)،،

فكتب أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه إلي أبي موسي رضي الله عنه:

عزمت عليك لما ضربت كاتبك سوطا،،

وفي رواية أخري:

أن قنع كاتبك سوطا،،

ثم فشا اللحن في الكتابة بعد ذلك بزمن، حين نقلت الدواوين من الرومية والفارسية والقبطية (أي المصرية) إلي اللغة العربية، في عهد عبد الملك بن مروان.

وقد خشي أهل العلم أن تفسد الملكة والسليقة العربية، فينغلق القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف علي تلك الفهوم المريضة بداء اللحن،

ماذا صنعوا رضي الله عنهم؟

استنبطوا من مجاري كلامهم العربي الرصين المحكم قوانين هذه الملكة السليمة، وجعلوها قواعد يقيسون عليها سائر أنواع الكلام، ويلحقون الأشباه بالأشباه،،،

فالفاعل مرفوع والمبتدأ مرفوع، والمفعول منصوب، و،،، و،،، وهكذا،

ثم رأوا تغير الدلالة بتغير حركات هذه الكلمات،،

فاصطلحوا علي تسميته إعرابا،،

وسموا الموجب لذلك عاملا،،

فصارت اصطلاحات خاصة بهم سموها (علم النحو)،

وقد كان الإمام علي كرم الله وجهه هو أول من تصدي لذلك، إذ أشار علي أبي الأسود الدؤلي الكناني رضي الله عنه (واسمه ظالم بن عمرو بن سفيان) بذلك،

قائلا له: {انح للناس كتابا،،،،،،}.

فقام أبو الأسود في ذلك، فكان أول من كتب في علم النحو.

وابتكر الضبط بالنقط، في القرآن الكريم،،

(وضع النقط بين يدي الحرف أو فوقه أو تحته إذا كان متحركا، أما الحرف الساكن فلم يضع عليه شيئا من النقط)،

وسموا هذا النقط شكلا، باعتبارها تدل علي شكل الحرف وصورته،

[قيل إن الذي طلب إلي أبي الأسود أن يضع طريقة لإصلاح الألسنة هو زياد بن أبيه والي البصرة آنذاك، حين رأي ظهور الخطأ واللحن عند بعض الناس في قراْة القرآن]

ولم تشتهر طريقة أبي الأسود إلا في المصاحف،

ثم جاءت مرحلة إعجام الحروف، لاسيما المتشابهة منها، وفزع إلي ذلك الحجاج الثقفي في زمن عبد الملك بن مروان، ودعا لهذا الأمر رجلين من تلاميذ أبي الأسود هما: نصر بن عاصم الليثي، ويحيي بن عامر العدواني، فرتبا حروف المعجم ترتيبا جديدا غير الترتيب القديم، وجمعا الحروف المتشابهة بعضها بجانب بعض، وميزوها بالنقط أفرادا وأزواجا،

فلما كان هذا العمل يستدعي اشتباه نقط الشكل (التي وضعها أبو الأسود) بنقط الإعجام الذي قرراه، اتفقا علي أن تكون نقط الشكل بالمداد الأحمر، وتكون نقط الإعجام بنفس مداد الحروف،

ثم جاء الخليل بن أحمد الفراهيدي من بعده أيام الرشيد، فهذب هذه الصناعة، وكمل أبوابها، فوضع طريقة جديدة للشكل مبتكرة من عند نفسه وهي العلامات الثمانية:

(الضمة والفتحة والكسرة والسكون والشدة والمدة والصلة والهمزة).

فأمكن أن يجمع الكتاب بين الكتابة والشكل والإعجام بمداد ذي لون واحد.

وقد صار الخليل إمام البصريين في النحو، فتتلمذ علي يديه سيبويه (أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي بالولاء) فكمل تفاريع صناعة النحو، واستكثر من أدلتها، وشواهدها ووضع فيها كتابه (كتاب سيبويه)، فصار إماما لكل من كتب في النحو من بعده،

ثم جاء أبو علي الفارسي (الحسن بن أحمد بن عبد الغفار) فاشتهر بآرائه في أصول النحو، وكذا أبو القاسم الزجاج (أبو سهل ابراهيم بن السري بن سهل) الذي كان من الأكابر في علم النحو،،،

وقد وضعا كتبا مختصرة للمتعلمين،

ثم جاءت مرحلة جديدة من مراحل صناعة النحو، خاصة في البصرة والكوفة

إذ تباينت الطرق في التعليم، وكثرت الأدلة، وظهر الإختلاف بين أهل البصرة والكوفة في إعراب كثير من آي القرآن الكريم باختلاف القواعد عند كل منهما،

إلي أن جاء دور بعض العلماء الذين عمدوا إلي الإختصار لما قد طال وتفرع

ومثال ذلك كتاب (التسهيل) لابن مالك، أو الإقتصار علي المباديء للمتعلمين كما فعل الزمخشري في (المفصل)،بل وربما نظموا ذلك نظما، كما فعل ابن مالك في ألفيته، وابن معط في ألفيته، وهكذا،

والآن يعتمد النحاة علي ما وصلنا من هؤلاء العلماء فيدرسونه ويشرحونه ويعلمونه في المدارس والجامعات.

صلاح جاد سلام
¥

اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 1841
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست