اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 1511
ـ[أنس آغا]ــــــــ[21 - 05 - 2010, 11:29 م]ـ
تقرر في الدرس النحوي أن جمع التكسير وشِبْهَه يعامل معاملة المفرد المؤنث؛ فتقول في نحو: الزيود جمع " زيد " , والهنود " جمع " هند " , و" قوم " ونسوة وطلحات: جاءت الزيود والهنود والقوم والطلحات. ويجوز التذكير أيضاً.
والطريف في الأمر أن الإمام الزمخشري – رحمه الله – استخدم هذه القاعدة استخداماً جميلاً , فقد تكاثر حوله الحساد يريدون السوء به , فلم يبال بهم , لأنهم - وإن كانوا جمعاً - كالأنثى. وما عُهِد في الرجال أن يخافوا بطش النساء؛ يقول:
إنّ قومي تجمّعوا ...................... وبقتلي تحدّثوا
لا أُبالي بجمعهم ...................... كلُّ جمعٍ مؤنثُ
ـ[أنس آغا]ــــــــ[29 - 05 - 2010, 12:20 ص]ـ
الأصل في الاسم أن يكون مصروفاً؛ أعني: أن ينون ويجر بالكسرة. ولا يُمنعُ الصرفَ إلا لعلتين من عللٍ تسعٍ أو علةٍ تغني عنهما. فمِمّا يُمنع الصرفَ لعلتين العلمُ المعدولُ , نحوُ: عُمَرَ , وزُفَرَ , وَقُثَمَ. فكلٌّ مِن هذه الأعلامِ معدولٌ عن: عامرٍ , وزافرٍ , وقاثمٍ. فهي ممنوعة من الصرف لعلتين: العلمية والعدل.
وعلى عادة النحاة , فإنهم تلاعبوا بالمصطلحات النحوية فاستخدموها غيرَ استخدامها المألوف طلباً للطُّرفة والمعاياة أو الإلغاز أحياناً. فهذا شهاب الدين ابن عنيز الوراق يُقَرِّعُ عاملاً عُزِلَ من عمله أو والياً أو قاضياً , بأنه جدير بأن يُصْرَفَ منه , إذ ليس فيه من صفات المروءة والنبل ما يهيئه لمثل هذه الأمانة , فيقول:
شكا ابنُ المؤيَّد مِن عزلِه ............ وذمّ الزمانَ وأبدى السفهْ
فقلتُ لهُ: لا تذُمَّ الزمانَ ............ فتظلمَ أيامَه المنصفَه
ولا تعجبَنَّ إذا ما صُرِفْتَ ............ فلا عدلَ فيك , ولا معرفَه
وتنبَّهْ معي: كيف استخدم مصطلحات " صرفت , وعدل , ومعرفة " , في غير معناها المألوف.
والحمد لله على عونه وتيسيره
ـ[أنس آغا]ــــــــ[11 - 07 - 2010, 12:16 ص]ـ
طرف نحوية (7)
مما اختَصَّت به العرب – كما يقول ابن فارس – عدمُ الجمع بين الساكنين , فإنهم إذا ما التقى ساكنان كسروا الأول في الغالب , نحوُ قولِه تعالى: " قالتِ الْأعراب آمنا " , فقد التقى ساكنان: التاء واللام , فحركت التاء بالكسر.
ولعل ولعَ النحاة بقواعد النحو امتدّ إلى حياتهم اليوميةِ , فصاروا يقايسون بين ما يجري معهم وبين ما تشرَّبته عقولُهم من قواعد النحو.
فهذا ابن العفيف يعاتب محبوبه الذي كسر قلبه ببعده عنه , مع أنّه لم يلتق ساكنان فيه , إذ لم يسمح لأحد غيرِ محبوبه أن يسكن فؤادَه؛ يقول:
يا ساكناً قلبيَ الْمُعَنَّى وليس , فيه سواك , ثاني
لأيِّ شيءٍ كسرتَ قلبي وما التقى , فيه , ساكنانِ؟
ـ[أنس آغا]ــــــــ[11 - 07 - 2010, 12:17 ص]ـ
طرف نحوية (8)
من المعروف بين النحاة أنّ الضمير لا يوصف , لأنه أعرفُ المعارف ,فهو مستغنٍ عن التوضيح
والتخصيص , إذ الصفة – كما هو معلوم – تكون للتوضيح إذا جاءت بعد المعرفة , نحو: جاء زيد الخياط. فـ " زيد " معرفة فالصفة بعده " الخياط " للتوضيح , أعني: لرفع الاشتراك الحاصل بين المعارف. وتكون للتخصيص بعد النكرة , نحو: رأيت رجلاً كريماً. فـ " رجلاً " نكرة , وهو شائع غير محدد , فجاءت الصفة " كريماً " لتخصصَه وتقللَ من إبهامه.
وقد برع الشاعر حين استخدم هذه القاعدة استخداماً جميلاً ودقيقاً في آنٍ , إذ أراد أن يصف لمحبوبه ما ينطوي عيه كبده من حب له وهُيام , فأجابه بأن ما في الضمير أعلى من أن يعبر عنه اللسان فلا يجوز أن يوصف كحال الضمير في النحو , يقول:
أضمرتُ , في القلب , هوَى شادنٍ .......... مشتغلٍ بالنّحو , لا يُنصِف
وصفتُ ما أضْمرتُ , يوماً , له .......... فقال لي: المضمرُ لا يُوصَفُ
ـ[أنس آغا]ــــــــ[29 - 07 - 2010, 06:28 ص]ـ
طرف نحوية (9)
لا خلاف بين النحاة أن " أل " التعريف لا تجامع التنوينَ , لأن الاسم بزيادة الألف واللام ثَقُلَ , فلم يمكن زيادة التنوين , لئلا يثقل الاسم بكثرة اللواحق والسوابق. والعرب مما تميل إلى الخفة في كلامها. ولا تظنَّ أنَّ ذلك لأن التنوين علَم التنكير , والألف واللام علَمُ التعريف , ولا يمكن الجمع بين تنكير وتعريف , فهذا وهم , إذ إنَّ التنوين يدخل على الاسم العلم في نحو: " زيد ٍ .. ".
ولعل من الطريف أنْ يغتنمَ القاضي الفاضلُ هذه القاعدة لغرض شخصي , فموعد وصله مع من يحب قد طال بل استحال , فأشبهت حالهما " أل " والتنوين اللذين لا يمكن الجمع بينها بحال من الأحوال. يقول:
لي عندكم دين , ولكن هل له من طالبٍ , وفؤادي المرهونُ؟
فكأنَّني ألفٌ ولامٌ في الهوى وكأنَّ موعدَ وصلِكم تنوينُ