responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 1458
الثالث: أَنْ يكونَ "أَنْ يُؤْتَى" مجروراً بحرفِ العلة وهو اللام، والمُعَلَّلُ محذوفٌ تقديرُه: لأنْ يُؤْتَى أحدٌ مثلَ ما أُتيتم قلتم ذلك ودَبَّرتموه، لا لشيء آخرَ، وعلى هذا يكونُ كلامُ الطائفةِ قد تَمَّ عند قوله {إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ}، ولنوضَّحْ هذا الوجه بما قاله الزمخشري. قال رحمه الله: "أو تمَّ الكلامُ عند قوله: {إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ}، على معنى: ولا تُؤمِنُوا هذا الإِيمانَ الظاهرَ وهو إيمانهم وجهَ النهار إلا لِمَنْ تَبعَ دينكم، إلا لِمَنْ كانوا تابِعين لديِنكم مِمَّنْ أسلموا منكم، لأنَّ رجوعَهم كانَ أَرْجَى عندهم مِنْ رُجُوعِ مَنْ سِواهم، ولأنَّ إسلامَهم كان أغيظَ لهم، وقوله: {أَن يُؤْتَى أَحَدٌ} معناه: لأنْ يُؤْتَى أحدٌ مثلَ ما أوتيتم قلتم ذلك ودَبَّرْتموه لا لشيء آخر، يَعْني أن ما بكم من الحسد والبغي أَنْ يؤتى أحدٌ مثلَ ما أوتيتم من فضل العلم والكتاب دعاكم إلى أن قُلْتُم ما قلتم، والدليلُ عليه قراءة ابن كثير: "أَأَن يُؤْتَى أحد" بزيادةِ همزةِ الاستفهام للتقرير والتوبيخ بمعنى: ألِأنْ يُؤْتَى أحدٌ؟ فإن قلت: فمامعنى قوله "أو يُحاجُّوكم" على هذا؟ قلت: معناه دَبَّرْتُم ما دَبَّرْتُم لأنْ يُؤْتَى أحدٌ مثلُ ما أُتيتم ولِمَا يتصلُ به عند كُفْرِكُم به مِنْ مُحَاجَّتِهم لكم عند رَبِّكم".
الرابع: أن ينتصِبَ "أَنْ يُؤْتَى بفعلٍ مقدَّرٍ يَدُلُّ عليه {وَلاَ تُؤْمِنُوااْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ} كأنه قِيل: قل إنَّ الهدى هُدى الله فلا تُنْكروا أَنْ يُؤْتَى أحدٌ مثلَما أُتيتم، فلاتُنْكِرُوا ناصبٌ لأنْ وما في حَيِّزها، لأنَّ قولَه {وَلاَ تُؤْمِنُوااْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ} إنكار لأن يُؤْتَى أحد مثلَ ما أُوتوا. قال الشيخ: "وهذا بعيدٌ لأنَّ فيه حذفَ حرفِ النهي وحَذْفَ معمولِهِ، ولم يُحْفَظْ ذلك من لسانهم" قلت: متى دَلَّ على العامل دليلٌ جاز حَذْفُه على أيِّ حالةٍ كان.

الخامس: أَنْ يكونَ "هدى الله" بدلاً من "الهدى" الذي هو اسمُ إنَّ، ويكون خبرُ إنَّ: "أَنْ يُؤْتَى أحدٌ"، والتقديرُ: قل إنَّ هدى الله أَنْ يُؤْتى أحدٌ، أي: إنَّ هدَى اللهِ إيتاءُ أحدٍ مثلَ ما أوتيتم، وتكونَ "أو" بمعنى"حتى"، والمعنى: حتى يُحاجُّوكم عند ربكم فيغلبوكم ويَدْحَضُوا حُجَّتكم عند الله، ولا يكون "أَوْ يُحاجُّوكم" معطوفاً على أَنْ يُؤتى وداخلاً في حَيِّزِ أَنْ.
السادس: أَنْ يكونَ "أَنْ يُؤْتَى" بَدَلاً مِنْ هدى الله، ويكون المعنى: قل إنَّ الهدى هدى الله وهو أَنْ يُؤْتَى أحدٌ كالذي جاءنا نحن، ويكونُ قولُه: "أو يُحاجُّوكم" بمعنى أو فليحاجوكم فإنهم يَغْلبونكم، وقاله ابن عطية، وفيه نظرٌ، لأنه يُؤَدِّي إلى حَذْفِ حرفِ النهيِ وإبقاءِ عملِهِ.
السابع: أَنْ تكونَ "لا" النافيةُ مقدرةً قبل "أَنْ يؤتى" فَحُذِفَتْ لدلالةِ الكلام عليها وتكونُ "أو" بمعنى إلاَّ أَنْ، والتقديرُ: ولا تؤمنوا لأحدٍ بشيء إلاَّ لمِنَ تَبع دينكم بانتفاءِ أن يؤتى أحدٌ مثلَ ما أوتيتم إلا مَنْ تبع دينكم، وجاء بمثله وعاضداً له، فإنَّ ذلك لا يُؤْتاه غيرُكم إلاَّ أنْ يُحاجُّوكم كقولِك: لألْزَمنَّك أو تقضيَني حقي، وفيه ضعفلإ من حيث حَذْفُ "لا" النافية، وما ذكروه من دلالةِ الكلامِ عليها غيرُ ظاهرٍ.
الثامن: أَنْ يكونَ "أَنْ يُؤْتى" مفعولاً من أجله، وتحريرُ هذا القولِ أَنْ تجعلَ قولَه: "أَنْ يُؤْتى أحدٌ مثلَ ما أوتيتم أو يُحاجُّوكم" ليس داخلاً تحتَ قولِه "قل" بل هو من تمامِ قول الطائفةِ متصلٌ بقولِه: ولا تُؤمِنُوا إلا لِمَنْ جاءَ بمثلِ دينِكم مخافَةَ أَنْ يُؤْتى أحدٌ من النبوةِ والكرمة مثلَ ما أوتيتم، ومخافَةَ أَنْ يُحاجُّوكُم بتصديقِكُم إياهم عند ربكم إذا لم تستمروا عليه. وهذا القولُ منهم ثمرة حسدهم وكفرهم مع معرفتهم بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ولَمَّا قَدَّر المبرد المفعولَ من أجله هنا قَدَّر المضاف: كراهَة أن يُؤتَى أحدٌ مثلَ ما أوتيتم، أي: مِمَّن خالَفَ دينَ الإسلام، لأن الله لا يَهْدِي مَنْ هو كاذب وكَفَّار، فهُدى الله بعيدٌ مِنْ غيرِ المؤمنين، والخطابُ في "أوتيتم" و"يُحاجُّوكم" لأمةِ النبي صلى الله عليه وسلم.
واستضعف بعضُهم هذا وقال: كونُ مفعولاً من أجله على تقدير: "كراهةَ" يَحْتاج إلى تقديرِ عاملٍ فيه ويَصْعُبُ بتقديرُهُ، إذ قبلَه جملةٌ لا يظهرُ تعليلُ النسبةِ فيها بكراهةِ الإيتاء المذكور.
التاسع: أنَّ "أَنْ: المفتوحَةَ تأتي للنفي كما تأتي "لا" نَقَل ذلك بعضُهم نصاً عن الفراء، وجَعَل "أو" بمعنى إلا، والتقدير: لا يُؤْتَى أحدٌ مثلَ ما أوتيتم إلاَّ أَنْ يُحاجُّوكُم، فإنَّ إيتاءَه ما أوتيتم مقرون بمغالبتكم أو مُحاجَّتِكُم عند ربكم، لأنَّ مَنْ آتاه اللهُ الوحيَ لا بد أن يُحاجَّهم عند ربهم في كونِهم لا يتَّبعونه، فقوله: "أو يُحاجُّوكم" حالٌ لازمةٌ مِنْ جهةِ المعنى، إذ لا يُوحى الله لرسولٍ إلا وهو مُحاجٌّ مخالفِيه. وهذا قولٌ ساقط إذ لم يثبت ذلك من لسانِ العرب.) أ - هـ

وقال الواحدي: (السابق 3/ 260)
(وهذه الآية من مشكلات القرآن وأصعبهِ تفسيراً، ولقد تدبَّرْتُ أقوال أهل التفسير والمعاني في هذه الآية، فلم أَجِدْ قولاً يَطَّرِدُ في هذه الآية من أولِها إلى آخِرها مع بيان المعنى وصحة النظم)

اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 1458
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست