اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 1436
ـ[عائشة]ــــــــ[06 - 10 - 2010, 06:17 ص]ـ
(«الرَّبُّ» مصدرٌ في الأصلِ، من قولكَ: رَبَّ يرُبُّ رَبًّا؛ إذا أصلحَ، ثُمَّ وُصِفَ به كعَدْلٍ، ورِضًا، فوزنُهُ -علَى هذا- «فَعْل». وقيلَ: هُوَ اسمُ فاعلٍ، وأصلُهُ «رابٌّ»، وحُذِفَتْ ألفُهُ، كما قالوا: رَجلٌ بارٌّ، وبَرٌّ، فوزنُهُ -علَى هذا- «فاعِل»).
(و (العالَمين) فيه شذوذٌ من وجهَيْنِ:
أحدهما: أنَّه اسمُ جَمْعٍ كالأنامِ، وأسماءُ الجُموعِ لا تُجْمَعُ.
الثَّاني: أنَّه جُمِعَ بالواوِ والنُّونِ، ولَمْ يَسْتَوفِ الشُّروطَ.
قالَ شَيخُ الجَماعةِ أبو حيَّان: والَّذي أختارُهُ: أن يُطْلَقَ علَى المُكلَّفينَ؛ لقوله تعالَى: ((إنَّ في ذلكَ لآياتٍ للعَالَمِينَ)) [الرُّوم]. وقراءةُ حَفْصٍ: ((للعالِمِينَ)) -بكسرِ اللاَّمِ- تُوضِّحُهُ. ولَمْ يَقْرأْ حَفْصٌ بكَسْرِ اللاَّمِ في (العالمين) إلاَّ في الرُّومِ).
ـ[عائشة]ــــــــ[07 - 10 - 2010, 08:23 م]ـ
اختلَفَ النَّحويُّونَ في المَصْدَرِ المُنَوَّنِ النَّاصِبِ للمفعولِ: هَل فيه فاعلٌ، أم لا؟ علَى خمسةِ مذاهبِ:
(الأوَّل -وعليه الجُمهورُ-: أنَّ الفاعلَ محذوفٌ. فإن قيلَ: الفاعِل لا يُحْذَفُ؛ قيلَ: ذلك في الفِعْلِ، لا في المصدرِ.
الثَّاني -وعليه الكُوفيُّونَ-: أنَّ الفاعلَ مُضْمَرٌ.
الثَّالث: مذهب أبي القاسم بن الأبرش -من نُحاةِ الأندلسِ-: أنَّ الفاعِلَ منويٌّ إلَى جنب المصدرِ، فقالَ في قولِهِ تعالَى: ((أوْ إطعامٌ في يومٍ ذِي مَسْغَبَةٍ)) [البلد] التقدير: أو إطعامُ إنسانٍ. قال: ودلَّ عليه ذِكْرُهُ الإنسانَ قبلَهُ. وهذا لا يطَّرِدُ له؛ ألا تَرَى أنَّكَ تقولُ: عجبتُ من ركوبٍ الفَرَسَ، وليس هُنا شيءٌ مُتقدِّمٌ يدلُّ على الفاعِلِ كما في الآيةِ.
الرَّابع: مذهب السِّيرافيِّ: أنَّ المصدرَ ليس فيه فاعِلٌ، لا محذوفٌ، ولا مُضمَرٌ، والمنصوبُ بعدَهُ كدِرْهَم بعد عِشرينَ. وهو مذهبٌ مردودٌ.
الخامس: مذهب الفرَّاء: أنَّ المصدرَ لا يجوزُ أن يُلفَظَ بالفاعِلِ بَعدَهُ، قالَ: لأنَّه لَمْ يُسْمَعْ في لسانِ العَرَبِ. فإن قُلْتَ: قد سُمِعَ في قولِ الشَّاعِرِ:
حَرْبٌ تَرَدَّدُ بينهم بتشاجُرٍ * قد كفَّرَتْ آباؤُهَا أبناؤُها
ألا تَرَى أنَّ «أبناؤُها» فاعلٌ ب «تشاجُر»؟ فالجوابُ: أنَّ هذا البيتَ لا حُجَّةَ فيه؛ إذ محملُ البيتِ علَى أنَّ «آباؤُها» مبتدأ، و «أبناؤُها» خبر، والتقدير: آباؤُها في ضعفِ الحُلومِ مثل أبنائِها. ويدلُّ علَى ما ذكرْنا قولُهُ في البيتِ قبلَهُ:
هيهاتَ، قد سَفِهَتْ أُمَيَّةُ رأيها * فاستَجْهَلَتْ، حُلَماؤُها سُفَهاؤُها
أي: حُلماؤُها مثل سفهائها.
ويلزم -أيضًا- في البيتِ علَى جعل «أبناؤُها» فاعلاً ب «تشاجُر» الفصل بين المصدر، ومعموله.
وإلَى مذهبِ الفرَّاءِ مالَ الشَّيخُ أبو حيَّان، ونَصَرَهُ، وتأوَّل ظواهر سيبويه).
(والأشهَرُ في تداخُلِ اللُّغاتِ أن تكونَ من كلمتَيْنِ، لا مِنْ كلمةٍ واحدةٍ؛ كَقَنَطَ يَقْنَطُ، بفتح النُّونِ فيهما).
(السَّاكن حاجِزٌ غير حصينٍ).
«فِعَل» (موجودٌ في الأسماءِ؛ نحو: عِنَب، وضِلَع. وأمَّا في الصِّفاتِ؛ فقالَ سيبويه: لا نعلمُه جاءَ صفةً إلاَّ في حرفٍ واحدٍ معتلٍّ، يُوصَفُ به الجمعُ؛ وهو: قومٌ عِدًى. انتهى. قال الشَّاعِرُ:
إذا كُنتَ في قومٍ عِدًى لستَ منهُمُ * فكُلْ ما عُلِفْتَ من خبيثٍ وطيِّبِ
وقد استدركَ الفارسيُّ وغيرُهُ علَى سيبويه أشياءَ، إذا تُؤُمِّلَتْ لَمْ تنهَضِ استدراكًا).
ذَكَرَ سيبويه أنَّه لَمْ يأتِ «فِعِل» في الأسماءِ إلاَّ «إِبِل». واستدركوا عليه أشياء.
ـ[عائشة]ــــــــ[10 - 10 - 2010, 07:19 ص]ـ
في قولِهِ تعالَى: ((والسَّمَاءِ ذَاتِ الحُبُكِ - إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ)):
(ما الحِكْمَةُ في أنَّه لَمَّا أقسمَ -هُنَا- بالسَّماءِ؛ وُصِفَتْ ب ((ذات الحُبُكِ))؟
فالجوابُ: أنَّ المرادَ -هُنا- المُناسبةُ بين المقسَمِ، والمقسَم به عليه؛ فوُصِفَتِ السَّماءُ بأنَّها ذات طُرُقٍ مختلفةٍ؛ لأنَّ أقوالَ المُخاطَبين مُختلفةٌ، وهذا أحسنُ ما يكونُ في القسمِ.
ومِنَ المُناسَبةِ بينَ القسمِ، والمُقسَمِ عليه: قولُهُ تعالَى: ((واللَّيلِ إذا يَغْشَى - والنَّهارِ إذا تجلَّى))، ثُمَّ قالَ: ((إنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى)) [الليل]؛ أي: لمُتَفَرِّق؛ فمِنْهُ كسوادِ اللَّيلِ؛ وهو: ((مَن بَخِلَ واستَغْنَى))، ومنه كبياضِ النَّهارِ؛ وهو: ((مَنْ أعطَى واتَّقَى))).
حَذْفُ حَرْفِ القَسَمِ -في غيرِ لَفْظِ الجلالةِ- غيرُ جائزٍ عند البصريِّينَ، ولا يُقاسُ عليه.