responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 113
ومن الملاحظ أن الإنسان ينصب المفاعيل قبل ذكر الفعل،فهو يتحدث تحت رعاية الاحتياج المعنوي بين أجزاء التركيب مع علامات أمن اللبس.
فالأصل تقدم الفعل فالفاعل فالمفعول فالصفة فالمفعول لأجله بالأهمية، ولكن عُدِل عن الأصل وتقدم المفعول لأجل بالمنزلة لِيَلي همزة الاستفهام الإنكاري لأن الاهتمام قد تعلق به، ثم تبعه المفعول به في شدة الاستنكار ثم وصف المفعول …. والمباني مترتبة بالمنزلة من العام إلى الخاص، وقد تمت إعادة توزيع الرتبة من أجل الهدف المعنوي ومعنى المعنى، يقول الجرجاني: " ومن الصفات التي تجدهم يجرونها في اللفظ ثم لا تعترض شبهة ولا يكون منك توقف، في أنها ليست له ولكن لمعناه قولهم: لا يكون الكلام يستحق اسم البلاغة حتى يسابق معناهُ لفظه ولفظه معناه، ولا يكون لفظه أسبق إلى سمعك من معناهُ إلى قلبك " وقولهم: يدخل في الأذن بلا إذن، فهذا مما لا يشكُّ العاقل في أنه يرجع إلى دلالة المعنى على المعنى, وأنه لا يُتصور أن يراد به دلالة اللفظ على معناهُ الذي وضع له في اللغة
----------------------------------------------------
1 - تمام حسان –البيان في روائع القراّن، ص 95
2 - المصدر نفسه، ص 95
--------------------------------------------------
ويلاحظ التناغم الدلالي بين المباني بحفظ رتبة الموصوف وصفته في الأصل والعدول

2 - للهدف البلاغي:-

وقد يعُدل عن الأصل من أجل الهدف البلاغي " وإنه يبدو أن التقديم والتأخير وفوائده هو أوضح ما جذب انتباه البلاغيين من الأساليب العدولية إذ جعلوا ذلك مبحثاً خاصاً من مباحث علمهم، وربطوا بين التقديم والاهتمام بالمتقدم حتى لقد قاربوا في المعنى بين التقديم والقصر في الأكثر الأعم من الحالات " (1) ويظهر العدول عن الأصل من أجل الغرض البلاغي في الأمثلة التالية:
ومن ذلك قوله تعالى: (إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ) (فاطر 28) والأصل تقدم الفاعل على المفعول بالمنزلة ولكن تقدم المفعول بالرتبة من أجل الغرض البلاغي وهو الحصر وقد تقدمت إنما بالصدارة ثم تبعها الفعل بالرتبة لأنها دخلت لمعنى فيه وهو قصر الخشية على العلماء، ثم تقدم لفظ الجلالة، فصارت الآية تترتب من العام إلى الخاص، وإعادة توزيع الرتبة جاءت من أجل الغرض البلاغي وللاتصال المعنوي من
---------------------------------------------------
1 - تمام حسان –البيان في روائع القراّن،ص 387
------------------------------------------------------
العام إلى الخاص والمباني متقدمة بالرتبة من أجل قصر خشية الله على العلماء، والعدول هنا واجب وذلك" لأنه لا يُعَرف متعلق الحصر إلاّ بتأخيره" (1)

3):-) أمن اللبس
وقد يعُدل عن الأصل من أجل أمن اللبس لأن " اللغة العربية – وكل لغة أخرى في الوجود تنظر إلى أمن اللبس باعتباره غاية لا يمكن التفريط فيها، لأن اللغة الملبسة لا تصلح واسطة للإفهام والفهم " (2) وقد يطرأ على الرتبة غير المحفوظة من دواعي أمن اللبس ما يدعو إلى حفظها، كما في ضرب موسى عيسى، وأخي صديقي وقد يطرأ عليها من ذلك ما يحتم عكسها كالذي نراه من لزوم تقديم الخبر على المبتدأ أحياناً وفي ذلك يقول ابن مالك:
ونحو عندي درهمٌ ولي وطرْ ملتزم فيه تقديم الخبر
كذا إذا عاد عليه مضمرُ مما به عنه مبيناً يخبر
وقال أيضاَ: وإن بشكل خيف لبس يجتنب ويمكن أن يظهر العدول عن الأصل من أجل أمن اللبس في الأمثلة التالية:-
ومن العدول عن الأصل من أجل أمن اللبس قوله تعالى: (يؤتى الحكمة من يشاء) إذ المعروف في أخوات أعطى أن الآخذ هو المفعول الأول وأن المأخوذ هو المفعول الثاني، وبهذا يكون
----------------------------------------------
1 - ابن مالك،شرح التسهيل، ج2،ص 66
2 - تمام حسان-اللغة العربة معناها ومبناها، ص233
---------------------------------------------
الأصل في التركيب " يؤتى من يشاء الحكمة " ولكن هذا التركيب ملبس لصلاح الحكمة أن تكون مفعول " يشاء " لا مفعول " يؤتي " فعكست الرتبة لأمن اللبس (1) ولذلك تقدم العام على الخاص بالمنزلة،
والملاحظ أن النحاة كانوا يلمحون (الاحتياج المعنوي ومنزلة المعنى) بين طرفي الجملة كما كانوا يلمحونه أيضاً بين المعاني النحوية في داخل الجملة الواحدة، وهذا هو المعنى الذي نلاحظه في إعراب جملة مثل " يؤتي الحكمة من يشاء " حين نعرب " مَن " مفعولاً أولاً على رغم تأخرها والحكمة مفعولاً ثانياً على رغم تقدمها ويكون ذلك بإدراك ما بينهما من (علاقة الاحتياج المعنوي) إذا نقول إن " من " هي الآخذ " والحكمة " هي المأخوذ. والخلاصة أن مراعاة الآخذية والمأخوذية هنا هي الاعتبار الذي تم إعراب المفعولين طبقاً له " (2) ومراعاة معنى الآخذية والمأخوذية ما هي إلاّ المنزلة. ومثل الآية السابقة قوله تعالى: (والله يؤتي ملكه من يشاء) (البقرة 247) فقد تعلقت"ملكه"بيؤتي عدولاً عن الأصل من أجل أمن اللبس، لأن كونها مفعولاً ليؤتي أقرب من كونها مفعولاً ليشاء
فالكلام يترتب بالمنزلة والمكانة أصلا وعدولا، والإنسان يتحدث تحت رعاية الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس.
-------------------------------------------
1 - تمام حسان-البيان في روائع القراّن، ص 288
2 - المصدر نفسه، ص 194

اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 113
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست