اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 1122
الإبدال في القرآن الكريم.
ـ[د. خديجة إيكر]ــــــــ[25 - 10 - 2011, 11:16 م]ـ
الإبدال كمصطلح صرفي هو وضع حرف مكان حرف آخر، وهو قانون من القوانين الصوتية والصرفية في آن واحد، حيث تجتمع عوامل صوتية وصرفية معًا لتؤدي إلى حدوث الإبدال في اللفظ. ويُسميه اللسانيون بالمماثلة التقدُّمية progressive assimilation وهي أحد قسميْ المماثلة الصوتية phonetic assimilation .
وتفيد معرفة الإبدال مستعمل اللغة في أمور كثيرة، أهمها تمكينُه من حسن استخدام المعجم، لأنه بمعرفته بوجود إبدال في كلمة مَا يتمكن من معرفة اَصلها المبدل منه ومن ثَمَّ يقوم بإرجاعها إلى أصلها فيسهُل عليه البحث عن معناها داخل المعجم. كلفظ "اتحاد " مثلا الذي لو عرفنا أن الواو أُبدلت فيه تاءً، وأن أصله واوي من فعل "وحد " لاستطعنا إيجاد معناه بسرعة داخل المعجم.
ويحدث الإبدال في اللغة في مواضع مضبوطة من النسق العربي منها:
أـ إذا كان الفعل المعتل مثالا واويا (أي فاؤه واو) فإن هذه الواو تبدل تاء في صيغة الافتعال، ثم تدغم التاءان في بعضهما. مثل: وصف إذا صغناها على وزن افتعل تصبح ـــــــ اوْتَصَفَ، فتبدل الواو تاء ـــــــ اتْتَصَفَ، ثم تدغم التاء في التاء ــــــــــ اتَّصَفَ.
وقد جاءت في القرآن الكريم آيات كثيرة حدث في أفعالها هذا النوع من الإبدال نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
* قولَه تعالى: (والقمر إذا اتسق) الإنشقاق 18، ففعل (اتسق) مشتق من (وسق) المثال الواوي.
* وقولَه سبحانه أيضا: (أفمن يتَّقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة) الزمر 34، ففعل (يتقي) مشتق من (وقى) المثال الواوي كذلك.
* وقولَه عز وجل: (هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون)،حيث اشتق اسم الفاعل (الذي جاء جمع مذكر سالم (متكئون) من (وكأ) المثال الواوي، إلى غير ذلك من الآيات التي لا يتسع المجال لذكرها هنا.
ب ـ إذا كان الفعل ثلاثيا فاؤه (أي حرفه الأول) دال أو ذال أو زاي فإن تاء الافتعال تبدل دالا مثل: دَثَرَإذا صغناها على وزن افتعل تصبح ـــــــ ادْتَثَرَ، فتبدل تاء الافتعال دالا فتصبح ـــــــ ادْدَثَرَ، ثم تدغم الدالان في بعضهما ــــــــ ادَّثَرَ.
ومثل: زان / ازتان / ازدان
وهذا النوع من الإبدال موجود أيضا في كتاب الله عز وجل، نمثل له:
* بقوله: (وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم) آل عمران 49
* وبقوله تعالى كذلك: (وقال الذي نجا منهما وادَّكر بعد أمة) يوسف 45 و (ادكر) مشتق من (ذكر) فتحوَّل إلى /اذْتَكر / اذْدَكر /ادَّكر،
* وقوله سبحانه أيضا: (فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدُجِر) حيث وقع إبدال في (ازدجر) الذي اشتق من (زجر).
ت ـ إذا كان الفعل ثلاثيا فاؤه صاد أو ضاد أو طاء او ظاء فإن تاء الافتعال تبدل طاء مثل: صلح إذا صغناها على وزن افتعل تصبح ـــــــ اصْتَلَحَ / ثم تبدل تاء الافتعال طاء / اصْطَلَحَ
ومثل: ضرب / اضترب /اضطرب
ومثل: طلع / اطتلع / اطَّلع
أما عن ورود هذا النوع من الابدال في كتاب الله عز وجل فنمثل له:
* بقوله عز وجل: (الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس) الحج 75.
* وقوله عز وجل كذلك: (نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ) لقمان 24
* وقوله تعالى أيضا: (إذ قال موسى لأهله إني آنست نارا سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون) الآية7 من سورة النمل، ففعل (تصطلون) جاءت فاؤه صادا (صلي ـ يَصْلَى) /اصتلى /اصطلى. إلى غير ذلك من الآيات التي تبين أن ظاهرة الإبدال من الظواهر الصرفية الموجودة بشكل كبير في القرآن الكريم، كيف لا والنص القرآني هو الذي استنبطت منه العلوم كلها سواء كانت علوما لغوية: من صوت وصرف ونحو ودلالة أم كانت علوما شرعية.
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 1122