responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 1097
ـ[أحمد بن حسنين المصري]ــــــــ[01 - 12 - 2011, 06:45 م]ـ
أما إذا تمت المحافظة على الترتيب الأصلي للغة العربية (فعل – فاعل – ...) فإن الفعل يأتي بالتأنيث مع لفظ " ملائكة "، ومن ذلك قوله سبحانه وتعالى: (فنادته الملائكة) آل عمران / 39، وقوله: (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة) الأنعام / 158، وقوله سبحانه وتعالى: (وتتلقّاهم الملائكة) الأنبياء / 103، وقوله: (الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي انفسهم) النحل / 28، وغيرها من الآيات.

هل قولُ اللهِ - تبارك وتعالي -:- " فسجد الملائكة كلهم أجمعون " [(الحجر:30)، (ص:73)]، وقول الله - تبارك وتعالي - "
فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ " [الزخرف:53] ينقض تلك القاعدة السابقة؟

ـ[د. خديجة إيكر]ــــــــ[01 - 12 - 2011, 10:13 م]ـ
إن الله سبحانه وتعالى عندما يتحدث كذلك عن عبادة الملائكة يرِدُ فعل العبادة بالتذكير: قال سبحانه وتعالى: ((فسجد الملائكة كلهم أجمعون)) الحجر / 30. وقال: ((لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون)) التحريم / 6. وقال سبحانه وتعالى: ((لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقرَّبون)) النساء / 172.
فاستعمال صيغة التذكير مع الملائكة له تعليلات تداولية متعددة حسب المقام الذي ذُكر فيه اللفظ:

1ــ أولها مخالفة اعتقاد كفار العرب في الملائكة إذ كانوا ينعتونهم بالإناث، استخفافا وتحقيرًا، نظرا لمكانة الأنثى في بيئتهم، حيث كانوا يستقبحون أن يكون من أبنائهم إناث، مما حملهم على التخلص منهن بالوأد. فعاب عليهم الله سبحانه صنيعهم ذاك، وبيَّن في مواضع متعددة أن العبرة ليست بنوع الجنس بقدر ما هي متعلقة بالعمل الصالح كقوله جل وعلا: ((ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة)) النساء / 124. كما صَحَّح اعتقادهم في الملائكة بأن نَفَى أن يكونوا إناثا: ((فاستفتهم ألِربك البنات ولهم البنون أم خلقنا الملائكة إناثاً وهم شاهدون)) الصافات: 149/ 150، فالملائكة خلقٌ خاصٌّ بمواصفات خاصة، لا يمكن أن نَقيسهم على الإنسان بناء على قياس الغائب على الشاهد. فعالم الغيب مخالفٌ حتماً لعالم الشهادة.
2 ــ إن القرآن الكريم بتذكير أفعالهم التعبدية يُحيل على صنيع الأنبياء في امتثال الأوامر الربانية والتزامها، وعدم الخروج عنها. فهم معصومون عن الوقوع في الخطإ بحفظ الله ورعايته. وفي ذلك تيئيس للكفار من الرحمة، وتخويف وترهيب لهم، لأن الملائكة لا يملكون الخروج عن الأوامر الربانية: ((لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون))، وقال سبحانه وتعالى متحدثاً عن طاعتهم وخشيتهم منه: ((ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت وليّنا من دونهم)) سبأ: 40/ 41، وقال عن إذعانهم له سبحانه وتعالى: ((إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون)) الأعراف / 206
3 ــ وهناك تعليل تداولي آخرخاصة في قوله عز وجل: ((عليها ملائكة غلاظ شداد)) التحريم / 6، يتمثل في أن مقام الآية مقام عذاب، فالحديث عن خزنة جهنم وهم " الزبانية، (غلاظ) على أهل النار، (شداد) عليهم، لا يرحمونهم إذا استرحموهم، لأن الله خلقهم من غضبه، وحبَّب إليهم تعذيب خلقه "صفوة التفاسير للصابوني: ج3/ 410. فما يناسب المقام هو التذكير لا التأنيث، لأن التأنيث يُعبَّر به عن الأنثى ويُحيل على المرأة وهي مصدر الحنان والرحمة.
وخلاصة القول إن التعبير بالمؤنث عن الملائكة في المقامات السالفة الذكر لا يفي بالأغراض التواصلية التي سبق ذكرها. لذلك نجد آيات الملائكة صيغتْ بالمذكر في الأعم.

اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 1097
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست