responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 1089
تعريف النحاة (للكلام) رد على معطلة الصفات
ـ[تألق]ــــــــ[10 - 12 - 2011, 12:06 ص]ـ
يقول ابن مالك-رحمه الله-:

كَلاَمُنَا لَفْظٌ مُفِيْدٌ كَاسْتَقِمْ ... وَاسْمٌ وَفِعْلٌ ثُمَّ حَرْفٌ الْكَلِمْ
وَاحِدُهُ كَلِمَةٌ وَالْقَوْلُ عَمّ ... وَكَلْمَةٌ بِهَا كَلاَمٌ قَدْ يُؤمّ
يقول: الكلام عندنا نحن معشر النحاة هو: اللفظ المفيد المركب مثل قولك: (استقم)،
فالنون في قوله (كلامنا) للجمع، وليست للمُعظِّم نفسه،
كما في قوله تعالى: {هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ}
وقوله: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ}.
فتعريف الكلام عند أهل النحو أن يقال: هو اللفظ المركب المفيد.
أما شرط كونه لفظا فقد صرّح به الناظم، ومقصودهم باللفظ: هو الصوت المشتمل على بعض الحروف، كما قال ابن هشام في شرح القطر، فهم يريدون باللفظ النطق بالكلمة بصوت مسموع.

مسألة عقدية:

ونحن نتدارس هذا الباب نستفيد فائدة عظيمة نردُّ بها على المعطلة من نفاة الصفات، وعلى وجه الخصوص الأشاعرة الذين يقولون: إن كلام الله هو المعنى القائم في نفسه، وأن الله لم يتكلم بكلام على الحقيقة بصوت مسموع، مستدلين بقول الأخطل الشاعر النصراني:
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما * * * جعل اللسان على الفؤاد دليلا
ومع أنه شاعر نصراني، ثم إن من الناس من أنكر أن يكون هذا من شعره،
فقد فتّشوا في دواوينه فلم يجدوه،
وقال بعضهم اللفظ الصحيح: إن البيان لفي الفؤاد، كما قال شيخ الإسلام رحمه الله،
وقال ابن القيم رحمه الله: قال أبو البيان: أنا رأيته في ديوانه كذلك،
فحرفه عليه بعض النفاة.

قال شيخ الإسلام رحمه الله في مجموع الفتاوى (7/ 139):
فعُلِم أن الأخطل لم يرد بهذا أن يذكر مسمّى " الكلام " ـ يقصد أن يذكر حدّ الكلام في هذا البيت ـ ولا أحدَ من الشعراء يقصد ذلك البتة؛
وإنما أراد- إن كان قال ذلك- ما فسّره به المفسرون للشعر أي:
أصل الكلام من الفؤاد وهو المعنى؛
فإذا قال الإنسان بلسانه ما ليس في قلبه فلا تثق به؛ وهذا كالأقوال التي ذكرها الله عن المنافقين، ذكر أنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم؛ ولهذا قال:
لا يعجبنّك من أَثِير لفظه * * * حتى يكون مع الكلام أصيلا
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما * * * جعل اللسان على الفؤاد دليلا
نهاه أن يعجب بقوله الظاهر حتى يعلم ما في قلبه من الأصل؛ ولهذا قال:
حتى يكون مع الكلام أصيلا. وقوله: " مع الكلام " (أي الذي تكلم به)
دليل على أن اللفظ الظاهر قد سماه كلاما، وإن لم يعلم قيام معناه بقلب صاحبه، وهذا حجة عليهم؛ فقد اشتمل شعره على هذا وهذا؛ بل قوله: " مع الكلام " مطلق. وقوله: إن الكلام لفي الفؤاد:
أراد به أصله ومعناه المقصود به، واللسان دليل على ذلك.
و" بالجملة " فمن احتاج إلى أن يعرف مسمى " الكلام " في لغة العرب والفرس والروم والترك وسائر أجناس بني آدم بقول شاعر، فإنه من أبعد الناس عن معرفة طُرُق العلم. ثم هو من المُوَلَّدين؛ وليس من الشعراء القدماء، وهو نصراني. اهـ

إذن في تعريف النحاة للكلام ردٌّ على هؤلاء المعطلة الذين يقولون: إن الكلام هو المعنى القائم في النفس، فها نحن نستعمل النحو في باب من أعظم أبواب العقيدة، وهو باب الأسماء والصفات، بل وفي صفة هي من أعظم صفات الرب تبارك وتعالى حصل فيها النزاع بين أهل القبلة من قديم.

أما الأدلة من الكتاب والسنة فأكثر من أن تحصى، وليس هذا موضع ذكرها، فقد وردت آيات وأحاديث مما ينصّ على أن الله تبارك وتعالى تكلّم على الحقيقة بإضافة الفعل إليه سبحانه وتعالى كالكلام: {وكلّمه ربه}، والقول: {قال الله}، والنداء: {ونادى ربك موسى}، والمناجاة: {وقربناه نجيا}،
إلى غير ذلك مما هو صريح في أن كلامه سبحانه وتعالى بحرف وصوت،
ومن أعظم ما يُرَدُّ به على تلك الطائفة أن الله تبارك وتعالى فرّق بين الحديث النفسي والحديث الذي يكون بصوت وحرف،
كما في الحديث القدسي الذي في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله عز وجل: أنا عند ظنّ عبدي بي،
وأنا معه حين يذكرني، إن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي،
وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ هم خير منهم ...» الحديث.

الشيخ حسان شعبان

شبكة المنهاج الإسلامية

ـ[عامرالنهدي]ــــــــ[10 - 12 - 2011, 07:21 ص]ـ
موضوع مهم ومفيد جدا ورائع
بارك الله فيكم

ـ[أم هاجر.]ــــــــ[12 - 12 - 2011, 04:25 م]ـ
فهم رائع للنحو. بارك الله فيك أختي.

اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 1089
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست