اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 106
"تقديم المغضوب عليهم على الضالين لوجوه عديدة، أحدها: أنهم متقدمون عليهم بالزمان، والثاني: أنهم كانوا هم الذين يلون النبي -صلى الله عليه وسلم-من أهل الكتابين، فإنهم كانوا جيرانه في المدينه، والنصارى كانت ديارهم بعيدة نائية عنه، ولهذا تجد خطاب اليهود والكلام معهم في القراّن أكثر من خطاب النصارى، الثالث: أن اليهود أغلظ كفرا من النصارى، ولهذا كان الغضب أخص بهم واللعنة والعقوبة، فإن كفرهم عن عناد وبغي،فالتحذير من سبيلهم والبعد منها أحق وأهم بالتقديم، وليست عقوبة من جهل كعقوبة من علم وعاند، والرابع وهو أحسنها: أنه تقدم ذِكرُالمنعم عليهم،والغضب ضد الإنعام، والسورة هي السبع المثاني التي يُذكَر فيها الشيء ومقابله، فذِكرُ المغضوب عليهم مع المنعم عليهم فيه من الازدواج والمقابلة ما ليس في تقديم الضالين.
9 - وقال تعالى:"وسخرنا مع داودالجبال يسبحن والطير"فإن قلت: لِم قدمت الجبال على الطير؟ قلت: تسخيرها وتسبيحها أعجب وأدل على القدرة الإلهية، وأدخل في الإعجاز، لأنها جماد والطير حيوان إلا أنه غيرناطق" فالكلام هنا مبني على التسخير والقدرة الإلهية، ولهذا تقدم ما هو أهم في الدلالة على القدرة الإلهية.
10 - وقال تعالى:"يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم"قدم الجباه ثم الجنوب لأن مانع الصدقة في الدنيا كان يصرف وجهه أولا عن السائل ثم ينوء بجانبه ثم يتولى بظهره،ولهذا تقدمت الجباه لترتبط مع الفعل أولا.
11 - وقال تعالى: مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين"قدم الصديق لكونه تابعاللنبي، فإنما استحق اسم الصديق بكمال تصديقه للنبي، فهو تابع محض، وتأمل تقديم الصديقين على الشهداء لفضل الصديقين عليهم وتقديم الشهداء على الصالحين لفضلهم عليهم.
فالكلام يترتب بحسب الحاجة والأهمية المعنوية عند المتكلم في الأصل وفي العدول عن الأصل،والمتقدم في المنزلة والمكانة متقدم في الموقع والمتأخر في المنزلة والمكانة متأخر في الموقع كذلك، واللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية،والإنسان يتحدث تحت رعاية الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس أو علامات المنزلة والمكانة المانعة من اللبس.
اسم الکتاب : ملتقى أهل اللغة المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 106