responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 353
15 - السَّماع
لغةً السِّمْعُ: حسُّ الأذن. وقال ثعلب: معناه خَلا له، فلم يشتغل بغيره وقد سَمعَه سَمْعا، وقال ابن السكيت السَّمْعُ: سَمْعُ الإنسان وغيره (كما فى اللسان) [1].

واصطلاحًا: عند علماء الحديث يقصد به سماع الأحاديث فى حال تحملها، والسماع أهم وسيلة من وسائل تحمل الحديث وأدائه أداء صحيحا لأن طالب العلم إذا سمع الحديث من الشيخ فإنه يضبطه ضبطاً دقيقا وهو أرفع درجات أنواع الرواية [2]، ومن ثَمَّ عابوا على من يأخذون الحديث من الكتب، لأنه عرضة لعدم ضبطه فى التحمل وفى الأداء، وسموا ذلك "وجَادة" أى وجد كتباً فأخذ منها المرويات، واعتبروا ذلك من باب المنقطع والمرسل [3].

وقد اتخذت الشروط التى تجعل السماع محققا لما يهدف إليه من صيانة الحديث وأدائه أداء صحيحاً.

وأهم شروطه هو التمييزوالوعى حال التحمل، وقد اشترط بعضهم سنا معينا لذلك كحد أدنى للسماع، ولكن المرجع الأساسى هو الوعى الكامل لما يسمع سواء أكان السامع صغيرا أو كبيرا.

قال ابن الصلاح: "والذى ينبغى أن يعتبر فى كل صغير حاله على الخصوص، فإن وجدناه مرتفعا عن حال من لا يعقل فهما للخطاب، ورَدا للجواب، ونحو ذلك- صححنا سماعه وإن كان دون خمس، وإن لم يكن كذلك لم نصحح سماعه، وإن كان ابن خمس، بل ابن خمسين " (4)

وسئل الإمام أحمد: متى يجوز سماع الصبى للحديث؟ فقال: إذا عقل وضبط [5]، وهذا يدل على أن السماع لم يكن مجرد وسيلة، وإنما كان مُسهما فى ضبط الحديث. وينقسم السماع إلى إملاء من الشيخ أو تحديث من حفظه [6]، والتلميذ غالبا ما يكون فى يده كتاب الشيخ نقله قبل السماع، وفى بعض الأوقات يكون حافظا لحديث الشيخ فيسمعه من غير كتاب فى يده.

وهكذا كان السماع مصاحبا للكتاب فى معظم الأحيان، وفى هذا زيادة فائقة فى توثيق السنة ونقلها نقلاً صحيحا.

وهناك وسيلة أخرى لتحمل الحديث هى أيضا من السماع، وإن كان أصحاب الحديث قد اختاروا لها مصطلحاً آخر، وهى العرض على الشيخ، أو القراءة على الشيخ، وفيها يسمع الشيخ من أحد التلاميذ، فالتلميذ يقرأ والشيخ يسمع، يقول ابن الصلاح فى هذا الوجه من وجوه التحمل: "من أقسام الأخذ والتحمل القراءة على الشيخ، وأكثر المحدثين يسمونها عرضاً، وسواء كنت أنت القارئ أو قرأ غيرك وأنت تسمع وقرأت من كتاب أو من حفظك، أو كان الشيخ يحفظ ما يُقرأ عليه أولا يحفظ، لكن يمسك أصله هو أوثقة غيره" [7].

وهنا أيضا يبدو الكتاب أوضح من الطريقة الأولى فى مصاحبتها مما يعطى توثيقاً كبيراً فى تحمل السنة بها، وكما قلنا: إن هذه الطريقة سماع فى حقيقتها وتؤدى الهدف نفسه، ولهذا فقد رأينا بعض العلماء يجيز لمن تحمَّل الأحاديث بها أن يقول عند الأداء: "حدثنا " و" سمعتُ" [8].

وممن زوى عنه أنه يجيز"حدثنا": مالك، ومنصور بن المعتمر، وعطاء بن أبى رباح، وأبو حنيفة، والزهرى، وزفر بن الحارث، والأوزاعى وغيرهم رحمهم الله.

وممن أجاز أن يقول القارئ على الشيخ: "سمعتُ" عند الأداء: سفيان الثورى وأبو حنيفة رحمهما الله تعالى [9].

ومما يدل على أن هذه الطريقة سماع أن الذين اشترطوا السماع لم يفصلوا فى كون هذا السماع قراءة من الشيخ أو سماعا منه أى"عَرضا".

وأفضل السماع ما كان إملاء من الشيخ، لأن فيه التُؤدة، ومصاحبة الكتابة، ولهذا كثر الراغبون فى هذا اللون، وكثرة الراغبين فى هذا قد تؤدى إلى تفويت فائدته، لأنه قد لايصل صوت الشيخ إلى كل التلاميذ الموجودين، ولهذا اتخذ الشيوخ مُستملين يبلغون عنهم ما يروون، بحيث يسمع جميع الحاضرين والمستملين يقول ابن الصلاح: ويستحب للمحدث العارف عقد مجلس لإملاء الحديث، فإنه من أعلى مراتب الراوين، والسماع فيه من أحسن وجوه التحمل وأقواها، وليتخذ مستمليا يبلغ عنه إذا كثر الجمع، فذلك دأب أكابر المحدثين المتصدين لمثل ذلك، وممن رُوِي عنه ذلك: مالك، وشعبة، ووكيع، وأبو عاصم، ويزيد بن هارون " [10].

واشترطوا فى هذا المستملى أن يكون مُحَصَّلأ، متيقظا، جهورى الصوت، وأن يكون على موضح مرتفع، وأن يتبع لفظ المحدث فيؤديه على وجهه من غير خلاف [11].

ولما كان السماع بالمعنى الذى ذكرناه هو أهم وسيلة لتحمل السنة وأدائها أداء صحيحاً فقد حرص المحدثون على أن يسجلوا على الكتب والمصنفات الحديثية فى أولها أو فى آخرها أو فى حواشيها من سمعوا هذه الكتب ومن قرأوها على الشيوخ وتواريخ ذلك، ومن سمعها جميعها، ومن سمع بعضها، وسميت هذه بالسماعات، وكان ذلك حتى لا يدعى مُدَّعِ أنه سمع هذه الكتب أو أحاديث منها وهو لم يسمع.

وسجلوا أيضا من كتبوا هذه "السماعات "وعرفوا خطوطهم، واعتبروا أن كل تغيير فى خطوط هذه السماعات أو إضافات لها مما يفسد هذه السماعات، ويتهم من يثبت عليه ذلك أو يدعى السماع وهو لم يسمع بأنه كذاب أو سارق للأحاديث، وهذا يطعن فى عدالته، وبالتالى فى روايته (12).وهذا قليل من كثير اتُّخذَت فيه الحَيطَة فى صيانة السنة وروايتها على وجهها الصحيح دون تحريف، سواء أكان هذا التحريف عن عمد أو غير عمد.

أ. د/ رفعت فوزى عبد المطلب

المراجع
[1] - - لسان العرب لابن منظور، مادة (سمع) 8/ 162 طبعة دار صادر، بيروت.
[2] - الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع ص 69 القاضى عياض- المكتبة العتيقة- تونس 1389 هـ/ 1970 م
[3] - - مقدمة ابن الصلاح (ص 58 3) ط " 2 " د ار المعارف- مصر، الجرح والتعديل 3/ 673 (لابن أبى حاتم- حيدر اباد- الهند- 1372 هـ/ 1952 م، العلل ومعرفة الرجال 1/ 140
4 - مقدمة ابن الصلاح ص 315.
[5] - - المصدر السابق ص 314.
[6] - الإلماع ص 69 القاضى عياض- ط" 1 " د ار التراث- القاهرة- 1389/ 0 97 1 م
[7] - مقدمة ابن الصلاح ص318 - 319.
[8] - الإلماع ص 70 - 71.
[9] - - المحدث الفاصل ص 422
[10] - - مقدمة ابن الصلاح ص 424
[11] - المصدر السابق ص 425
[2] ا- المصدر السابق ص 386 - 387
اسم الکتاب : موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 353
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست