responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نتائج البحوث وخواتيم الكتب المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 124
حكم تقنين الشريعة الإسلامية
¤عبدالرحمن بن سعد الشثري£بدون¥دار الصميعي - الرياض¨الأولى¢1428هـ€أصول فقه¶أصول فقه - أعمال منوعة

الخاتمة
تبين لنا مما مضى: أن تقنين الشريعة الذي يريد به من دعا إليه – مع إحسان الظن به – درء مفسدة اختلاف القضاة؟ يستلزم مفاسد أعظم من ذلك: فهو خطوة إلى الانتقال عن الشريعة الإسلامية إلى الأنظمة الوضعية، ولعل من دعا إليه يجهل ذلك، أو يتجاهله.
قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي)): وإيضاح ذلك: أن النظام الوضعي تتركب حقيقته من شيئين:
أحدهما: صورته التي هي شكله وهيئته في ترتيب مواده والحرص على تقريب معانيها وضبطها بالأرقام.
الثانية: حقيقة روحه التي هي مشابكة لذلك الهيكل والصورة كمشابكة الروح للبدن، وتلك الروح هي حكم الطاغوت، فصار التدوين مشتملاً على أحدهما والواحد نصف الاثنين.
ومما يظن ظناً قوياً ويخشى خشية شديدة أن وضع شكل وصورة النظام الوضعي بالتدوين، وضع حجر أساس لنفخ روح هذا الهيكل الأصيلة فيه.
ولاشك أن الظروف الراهنة، ومخايل الظروف المستقبلة، تؤكد أن تيارات الإلحاد الجارفة في أقطار المعمورة الناظرة إلى الإسلام بعين الحظ والازدراء يغلب على الظن، ويخاف خوفاً شديداً أنها بقوة مغناطيسها الجذابة التي جذبت غير هذه البلاد من الأقطار من نظامها الإسلامي التي توارثته عشرات القرون، إلى النظام الوضعي الذي شرعه الشيطان على ألسنة أوليائه، ستجذب هذه البلاد يوماً ما إلى ما جذبت إليه غيرها من الأقطار التي فيها مئات العلماء كمصر، لضعف الوازع الديني في الأغلبية الساحقة من شباب المسلمين، وكون الثقافة المعاصرة من أعظم الأسباب للانتقال إلى القوانين الوضعية.
فجميع الملابسات العالمية معينة على الشر المحذور إلا ماشاء الله، ولا سيما إن كانت هيئة كبار العلماء قد يقال أنها ابتدأت وضع الحجر الأساسي لذلك بالرضا بالانتقال عما توارثته الأمة جيلاً بعد جيل إلى وضع نظام شرعي ديني في مسلاخ نظام وضعي بشري شيطاني.
وليس هذا من الأمور الدنيوية البحتة التي تؤخذ عن الكفار!.
لأنه أمر قد يقال: إنه ذريعة إلى أعظم فساد ديني، مع أن اختلاف القضاة في بعض المسائل المتماثلة أمر موجود من عهد الصحابة إلى اليوم، ولم يستلزم مفسدة عظيمة، والقضاة المختلفون في المسألة الواحدة في هذه البلاد يلزم رفع اختلافهم إلى هيئة تمييز من أمثل من يوثق بعلمه وعدالته، وربما رفع بعد ذلك إلى هيئة قضائية عليا)).
فدعوة الداعين للتقنين:
ممتنعة شرعاً وواقعاً، فموقع دعوتهم من أحكام التكليف حسب الدلائل والوجوه الشرعية أنه:
محرم شرعاً، لا يجوز الإلزام به، ولا الالتزام به.
ودعوتهم مولودة غريبة، ليست في أحشاء أمتنا الإسلامية، غريبة في لغتها، غريبة في سيرها وأصالة منهجها غريبة في دينها ومعتقدها ,فهي أجنبية عنها، ومجلوبة إليها.
فغريب جداً على هؤلاء أن يحتضنوها بمجرد فكرة: الله أعلم بدوافعهم إليها، هدانا الله وإياهم لما اختلف فيه من الحق بإذنه، إنه سبحانه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
{يأيها الذين ءامنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} [المائده:8] أسأل الله تعالى لي وللداعين للتقنين ولعموم المسلمين الهداية والرشاد، والرجوع للعلماء المعتبرين، وعلينا جميعاً أن نولي حارها من قارها.
وهذا من سنة أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه فعن محمد بن سيرين قال: ((قال عمر رضي الله عنه لابن مسعود: ألم أنبأ، أو أنبئت أنك تفتي ولست بأمير، ولِّ حارها من تولى قارها)).

اسم الکتاب : نتائج البحوث وخواتيم الكتب المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 124
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست