responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أصول الدعوة المؤلف : جامعة المدينة العالمية    الجزء : 1  صفحة : 349
كما سبق في تعريفها- إنما هي بين الجُبن والتهوُّر. يقول الإمام السعدي -رحمة الله عليه: حقيقة الشجاعة هي الصبر والثبات والإقدام على الأمور النافع تحصيلها أو دفعها، وتكون في الأقوال وفي الأفعال.
فأصلها في القلب، وهو ثباته وقوته، وسكونه عند المهملات والمخاوف، وثمرته الإقدام في الأقوال والأفعال، وعند القلق والاضطراب، وكماله وزينته أن يكون موافقًا للحكمة، فإنه إذا زاد عن حدّ الحكمة؛ خُشي أن يكون تهورًا وسفهًا وإلقاء باليد إلى التهلكة، كم من داعية مُنع من منبره بكلمة قالها، وكم من داعية ذي جمهور غفير نفع الله به، حرم نفسه من جمهور وحرم جمهوره منه بكلمة عفوية صدرت منه، ظنّ أن قولها شجاعة وكان في الحقيقة تهورًا، فعلينا أن نفقه أن الأخلاق الحميدة دائمًا وسط بين المذموم والمحمود، يقول الشيخ -رحمه الله-: فإذا زاد عن حدّ الحكمة خُشي أن يكون تهورًا وسفهًا وإلقاء باليد إلى التهلكة، وذلك مذموم كما يذم الجبن يذم التهور، فالشجاعة خلق فاضل متوسط بين خلقين رزيلين وهما الجبن والتهور.
وإذا كان الإخلاص مددٌ للداعية يشجعه على الشجاعة والإقدام، وتبليغ دين الله عز وجل؛ فإن مما يمدّ هذا الخلق أيضًا الإيمان بالله -عز وجل- وقوة التوكل عليه، وكمال الثقة به سبحانه، وأن يعلم الداعية أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، كما أن مما يمد الداعية بالشجاعة الإكثار من ذكر الله -عز وجل- والثناء عليه كما في قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الأنفال: 45).
فمتى قوي العبد بالله وبقضائه وقدره وقوي يقينه بالثواب والعقاب، وتمّ توكله على الله، وثقته بكفاية الله، وعلم أن الخلق لا يضرون ولا ينفعون، وأن

اسم الکتاب : أصول الدعوة المؤلف : جامعة المدينة العالمية    الجزء : 1  صفحة : 349
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست