اسم الکتاب : الإنسان بين الدينونة لله والدينونة لغيره المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 82
الحياة. وما نشأ فيه حيا يعود في دورة أخرى إلى الموت .. هذا في كيان الحي الواحد .. ثم تتسع الدائرة فيموت الحي كله، ولكن خلاياه تتحول إلى ذرات تدخل في تركيب آخر ثم تدخل في جسم حي فتدب فيها الحياة .. وهكذا دورة دائبة في كل لحظة من لحظات الليل والنهار .. ولا يدعي الإنسان أنه هو الذي يصنع من هذا كله شيئا. ولا يزعم عاقل كذلك أنها تتم هكذا مصادفة بلا تدبير! حركة في كيان الكون كله وفي كيان كل حي كذلك. حركة خفية عميقة لطيفة هائلة. تبرزها هذه الإشارة القرآنية القصيرة للقلب البشري والعقل البشري وهي تشي بيد القادر المبدع اللطيف المدبر .. فأنى يحاول البشر أن ينعزلوا بتدبير شأنهم عن اللطيف المدبر؟ وأنّى يختارون لأنفسهم أنظمة من صنع أهوائهم وهم قطاع من هذا الكون الذي ينظمه الحكيم الخبير؟ ثم أنى يتخذ بعضهم بعضا عبيدا، ويتخذ بعضهم بعضا أربابا، ورزق الجميع بيد اللّه وكلهم عليه عيال: «وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ» ..
إنها اللمسة التي ترد القلب البشري إلى الحقيقة الكبرى. حقيقة الألوهية الواحدة. حقيقة القوامة الواحدة.
وحقيقة الفاعلية الواحدة وحقيقة التدبير الواحد. وحقيقة المالكية الواحدة وحقيقة العطاء الواحد. ثم حقيقة أن الدينونة لا تكون إلا للّه القيوم، مالك الملك، المعز المذل، المحيي المميت، المانح المانع، المدبر لأمر الكون والناس بالقسط والخير على كل حال [1]. [1] -في ظلال القرآن للسيد قطب - ت- علي بن نايف الشحود [ص 645]
اسم الکتاب : الإنسان بين الدينونة لله والدينونة لغيره المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 82