responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنسان بين الدينونة لله والدينونة لغيره المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 67
وإن الإنسان ليبصر أحيانا بالمرأة المسكينة، وهي تلبس ما يكشف عن سوآتها، وهو في الوقت ذاته لا يناسب شكلها ولا تكوينها، وتضع من الأصباغ ما يتركها شائهة أو مثارا للسخرية! ولكن الألوهية القاهرة لأرباب الأزياء والمودات تقهرها وتذلها لهذه المهانة التي لا تملك لها ردا، ولا تقوى على رفض الدينونة لها، لأن المجتمع كله من حولها يدين لها. فكيف تكون الدينونة إن لم تكن هي هذه؟ وكيف تكون الحاكمية والربوبية إن لم تكن هي تلك؟! وليس هذا إلا مثلا واحدا للعبودية المذلة حين لا يدين الناس للّه وحده وحين يدينون لغيره من العبيد.
وليست حاكمية الرؤساء والحكام وحدها هي الصورة الكريهة المذلة لحاكمية البشر للبشر، ولعبودية البشر للبشر! وهذا يقودنا إلى قيمة توحيد العبادة والدينونة في صيانة أرواح الناس وأعراضهم وأموالهم، التي تصبح كلها ولا عاصم لها عند ما يدين العباد للعباد، في صورة من صور الدينونة .. سواء في صورة حاكمية التشريع، أو في صورة حاكمية الأعراف والتقاليد، أو في صورة حاكمية الاعتقاد والتصور ..
إن الدينونة لغير اللّه في الاعتقاد والتصور معناها الوقوع في براثن الأوهام والأساطير والخرافات التي لا تنتهي والتي تمثل الجاهليات الوثنية المختلفة صورا منها وتمثل أوهام العوام المختلفة صورا منها وتقدم فيها النذور والأضاحي من الأموال - وأحيانا من الأولاد! - تحت وطأة العقيدة الفاسدة والتصور المنحرف ويعيش الناس معها في رعب من الأرباب الوهمية المختلفة، ومن السدنة والكهنة المتصلين بهذه الأرباب! ومن السحرة المتصلين بالجن والعفاريت! ومن المشايخ والقديسين أصحاب الأسرار! ومن .. ومن .. من الأوهام التي ما يزال الناس منها في رعب وفي خوف وفي تقرب وفي رجاء، حتى تتقطع أعناقهم وتتوزع جهودهم، وتتبدد طاقاتهم في مثل هذا الهراء! وقد مثلنا لتكاليف الدينونة لغير اللّه في الأعراف والتقاليد بأرباب الأزياء والمودات! فينبغي أن نعلم كم من الأموال والجهود تضيع - إلى جانب الأعراض والأخلاق - في سبيل هذه الأرباب! إن البيت ذا الدخل المتوسط ينفق على الدهون والعطور والأصباغ وعلى تصفيف الشعر وكيه وعلى الأقمشة التي تصنع منها الأزياء المتقلبة عاما بعد عام، وما يتبعها من الأحذية المناسبة

اسم الکتاب : الإنسان بين الدينونة لله والدينونة لغيره المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 67
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست