اسم الکتاب : الإنسان بين الدينونة لله والدينونة لغيره المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 52
الذين يشركون باللّه هم الظالمون
إن الذين يشركون باللّه - سبحانه - وهم الظالمون - إنما يريدون الحياة كلها عوجا حين يعدلون عن استقامة الإسلام. وما تنتج الدينونة لغير اللّه - سبحانه - إلا العوج في كل جانب من جوانب النفس، وفي كل جانب من جوانب الحياة.
إن عبودية الناس لغير اللّه سبحانه تنشئ في نفوسهم الذلة وقد أراد اللّه أن يقيمها على الكرامة. وتنشئ في الحياة الظلم والبغي وقد أراد اللّه أن يقيمها على القسط والعدل. وتحول جهود الناس إلى عبث في تأليه الأرباب الأرضية والطبل حولها والزمر، والنفخ فيها دائما لتكبر حتى تملأ مكان الرب الحقيقي. ولما كانت هذه الأرباب في ذاتها صغيرة هزيلة لا يمكن أن تملأ فراغ الرب الحقيقي، فإن عبادها المساكين يظلون في نصب دائب، وهمّ مقعد مقيم ينفخون فيها ليل نهار، ويسلطون عليها الأضواء والأنظار، ويضربون حولها بالدفوف والمزامير والترانيم والتسابيح، حتى يستحيل الجهد البشري كله من الإنتاج المثمر للحياة إلى هذا الكد البائس النكد وإلى هذا الهم المقعد المقيم .. فهل وراء ذلك عوج وهل وراء ذلك التواء؟! «أولئك» .. البعداء المبعدون الملعونون
فقد عاشوا معطلي المدارك مغلقي البصائر كأن لم يكن لهم سمع ولا بصر: «ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ» ..
«أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ» .. وهي أفدح الخسارة، فالذي يخسر نفسه لا يفيد شيئا مما كسب غيرها وأولئك خسروا أنفسهم فأضاعوها في الدنيا، لم يحسوا بكرامتهم الآدمية التي تتمثل في الارتفاع عن الدينونة لغير اللّه من العبيد. كما تتمثل في الارتفاع عن الحياة الدنيا والتطلع - مع المتاع بها - إلى ما هو أرقى وأسمى. [1]. [1] - فى ظلال القرآن ـ موافقا للمطبوع [4/ 1867]
اسم الکتاب : الإنسان بين الدينونة لله والدينونة لغيره المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 52