اسم الکتاب : الإنسان بين الدينونة لله والدينونة لغيره المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 30
الإيمان باللّه يقتضي الاعتقاد بصحة كل ما جاء من عند اللّه
إنَّ الإيمان باللّه يقتضي الاعتقاد بصحة كل ما جاء من عند اللّه، وصدق كل الرسل الذين يبعثهم اللّه، ووحدة الأصل الذي تقوم عليه رسالتهم، وتتضمنه الكتب التي نزلت عليهم .. ومن ثم لا تقوم التفرقة بين الرسل في ضمير المسلم. فكلهم جاء من عند اللّه بالإسلام في صورة من صوره المناسبة لحال القوم الذين أرسل إليهم حتى انتهى الأمر إلى خاتم النبيين - محمد - صلى الله عليه وسلم - فجاء بالصورة الأخيرة للدين الواحد، لدعوة البشرية كلها إلى يوم القيامة.
وهكذا تتلقى الأمة المسلمة تراث الرسالة كله وتقوم على دين اللّه في الأرض، وهي الوارثة له كله ويشعر المسلمون - من ثم - بضخامة دورهم في هذه الأرض إلى يوم القيامة. فهم الحراس على أعز رصيد عرفته البشرية في تاريخها الطويل. وهم المختارون لحمل راية اللّه - وراية اللّه وحدها - في الأرض، يواجهون بها رايات الجاهلية المختلفة الشارات، من قومية ووطنية وجنسية وعنصرية وصهيونية وصليبية واستعمارية وإلحادية .. إلى آخر شارات الجاهلية التي يرفعها الجاهليون في الأرض، على اختلاف الأسماء والمصطلحات واختلاف الزمان والمكان.
إن رصيد الإيمان الذي تقوم الأمة المسلمة حارسة عليه في الأرض، ووراثة له منذ أقدم الرسالات، هو أكرم رصيد وأقومه في حياة البشرية. إنه رصيد من الهدى والنور، ومن الثقة والطمأنينة، ومن الرضى والسعادة، ومن المعرفة واليقين .. وما يخلو قلب بشري من هذا الرصيد حتى يجتاحه القلق والظلام، وتعمره الوساوس والشكوك، ويستبد به الأسى والشقاء. ثم يروح بتخبط في ظلماء طاخية، لا يعرف أين يضع قدميه في التيه الكئيب! وصرخات القلوب التي حرمت هذا الزاد، وحرمت هذا الأنس، وحرمت هذا النور، صرخات موجعة في جميع العصور [1] .. هذا إذا كان في هذه القلوب حساسية [1] - يقول عمر الخيام:
أحس في نفسي دبيب الفناء ولم أصب في العيش إلا الشقاء
يا حسرتا إن حان حيني ولم يتح لفكري حل لغز القضاء
تروح أيامي ولا تغتدي كما تهب الريح في الفدفد)
وما طويت النفس هما على يومين: أمس المنقضي والغد (السيد رحمه الله
اسم الکتاب : الإنسان بين الدينونة لله والدينونة لغيره المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 30