responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنسان بين الدينونة لله والدينونة لغيره المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 278
الجبهة. فهو القهر والغلبة والهيمنة، في صورة حسية تناسب الموقف، وتناسب غلظة القوم وشدتهم، وتناسب صلابة أجسامهم وبنيتهم، وتناسب غلظ حسهم ومشاعرهم .. وإلى جانبها تقرير استقامة السنة الإلهية في اتجاهها الذي لا يحيد: «إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ» .. فهي القوة والاستقامة والتصميم.
وفي هذه الكلمات القوية الحاسمة ندرك سر ذلك الاستعلاء وسر ذلك التحدي .. إنها ترسم صورة الحقيقة التي يجدها نبي اللّه هود - عليه السلام - في نفسه من ربه .. إنه يجد هذه الحقيقة واضحة .. إن ربه ورب الخلائق قوي قاهر: «ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها» .. وهؤلاء الغلاظ الأشداء من قومه إن هم إلا دواب من تلك الدواب التي يأخذ ربه بناصيتها ويقهرها بقوته قهرا. فما خوفه من هذه الدواب وما احتفاله بها وهي لا تسلط عليه - إن سلطت - إلا بإذن ربه؟ وما بقاء فيها وقد اختلف طريقها عن طريقه؟
إن هذه الحقيقة التي يجدها صاحب الدعوة في نفسه، لا تدع في قلبه مجالا للشك في عاقبة أمره ولا مجالا للتردد عن المضي في طريقه.
إنها حقيقة الألوهية كما تتجلى في قلوب الصفوة المؤمنة أبدا.
وعند هذا الحد من التحدي بقوة اللّه، وإبراز هذه القوة في صورتها القاهرة الحاسمة، يأخذ هود في الإنذار والوعيد: «فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ» ..
فأديت واجبي للّه، ونفضت يدي من أمركم لتواجهوا قوة اللّه سبحانه: «وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ» .. يليقون بتلقي دعوته ويستقيمون على هدايته بعد إهلاككم ببغيكم وظلمكم وانحرافكم.
«وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً» .. فما لكم به من قوة، وذهابكم لا يترك في كونه فراغا ولا نقصا ..
«إِنَّ رَبِّي عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ» .. يحفظ دينه وأولياءه وسننه من الأذى والضياع، ويقوم عليكم فلا تفلتون ولا تعجزونه هربا!
وكانت هي الكلمة الفاصلة. وانتهى الجدل والكلام. ليحق الوعيد والإنذار: «وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا. وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ».

اسم الکتاب : الإنسان بين الدينونة لله والدينونة لغيره المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 278
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست