اسم الکتاب : الإنسان بين الدينونة لله والدينونة لغيره المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 248
في الشداد يلجأ الناس إلى الله وحده
قال تعالى: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (21) هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22) فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (23)} [يونس:21 - 23]
عجيب هذا المخلوق الإنساني لا يذكر اللّه إلا في ساعة العسرة، ولا يثوب إلى فطرته وينزع عنها ما غشاها من شوائب وانحرافات إلا في ساعة الكربة. فإذا أمن فإما النسيان وإما الطغيان .. ذلك إلا من اهتدى فبقيت فطرته سليمة حية مستجيبة في كل آن، مجلوة دائما بجلاء الإيمان ..
«وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ، إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا» ..
كذلك صنع قوم فرعون مع موسى. فكلما أخذوا بعذاب استغاثوا به ووعدوا بالعدول عما هم فيه.
فإذا ذاقوا الرحمة مكروا في آيات اللّه وأولوها على غير وجهها، وقالوا: إنما رفع عنا الرجز بسبب كذا وكذا .. وكذلك صنعت قريش وقد أجدبت وخافت الهلاك، فجاءت محمدا تناشده الرحم أن يدعو اللّه فدعاه فاستجاب له بالسقيا، ثم مكرت قريش بآية اللّه وظلت فيما هي فيه! وهي ظاهرة مطردة في الإنسان ما لم يعصمه الإيمان.
«قُلِ: اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً. إِنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ» .. فاللّه أقدر على التدبير وإبطال ما يمكرون. ومكرهم مكشوف لديه ومعروف، والمكر المكشوف إبطاله مضمون: «إِنَّ رُسُلَنا يَكْتُبُونَ ما تَمْكُرُونَ» .. فلا شيء منه يخفى، ولا شيء منه ينسى. أما من هم هؤلاء الرسل
اسم الکتاب : الإنسان بين الدينونة لله والدينونة لغيره المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 248