responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنسان بين الدينونة لله والدينونة لغيره المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 235
المريح .. الاستسلام للّه الذي يرفع الجباه عن الدينونة لغيره أو العبودية لسواه. الاستسلام الرفيع الكريم لرب العالمين ..
هذا الاستسلام هو الذي يمثل معنى الإيمان، ويعطيه طعمه ومذاقه .. وهذه العبودية هي التي تحقق معنى الإسلام، وتعطيه حيويته وروحه .. وهي هي القاعدة التي لا بد أن تقام وتستقر، قبل التكليف والأمر وقبل الشعائر والشرائع .. ومن ثم هذه العناية الكبرى بإنشائها وتقريرها وتعميقها وتثبيتها في المنهج القرآني الحكيم ..
«إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ، يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً، وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ. أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ. تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ» ..
إن عقيدة التوحيد الإسلامية، لا تدع مجالا لأي تصور بشري عن ذات اللّه سبحانه ولا عن كيفيات أفعاله .. فاللّه سبحانه ليس كمثله شيء .. ومن ثم لا مجال للتصور البشري لينشئ صورة عن ذات اللّه. فكل التصورات البشرية إنما تنشأ في حدود المحيط الذي يستخلصه العقل البشري مما حوله من أشياء. فإذا كان اللّه - سبحانه - ليس كمثله شيء، توقف التصور البشري إطلاقا عن إنشاء صورة معينة لذاته تعالى. ومتى توقف عن إنشاء صورة معينة لذاته العلية فإنه يتوقف تبعا لذلك عن تصور كيفيات أفعاله جميعا. ولم يبق أمامه إلا مجال تدبر آثار هذه الأفعال في الوجود من حوله .. وهذا هو مجاله ..
ومن ثم تصبح أسئلة كهذه: كيف خلق اللّه السماوات والأرض؟ كيف استوى على العرش؟ كيف هذا العرش الذي استوى عليه اللّه سبحانه؟! ... تصبح هذه الأسئلة وأمثالها لغوا يخالف توجيهها قاعدة الاعتقاد الإسلامي. أما الإجابة عليها فهي اللغو الأشد الذي لا يزاوله من يدرك تلك القاعدة ابتداء! ولقد خاضت الطوائف - مع الأسف - في هذه المسائل خوضا شديدا في تاريخ الفكر الإسلامي، بالعدوى الوافدة على هذا الفكر من الفلسفة الإغريقية! فأما الأيام الستة التي خلق اللّه فيها السماوات والأرض، فهي كذلك غيب لم يشهده أحد من البشر ولا من خلق اللّه جميعا: «ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ» .. وكل ما يقال عنها لا يستند إلى أصل مستيقن.

اسم الکتاب : الإنسان بين الدينونة لله والدينونة لغيره المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 235
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست