اسم الکتاب : الإنسان بين الدينونة لله والدينونة لغيره المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 230
الدين في وجه الجاهلية وطواغيتها المتألهة وجماهيرها الخاضعة للطواغيت الراضية بالشرك في الربوبية ..
إن إدراك طبيعة النشأة الإسلامية على هذا النحو الذي لا يتغير، كلما قامت الجاهلية وقامت في وجهها محاولة إسلامية .. هو نقطة البدء في العمل الحقيقي البناء لإعادة هذا الدين إلى الوجود الفعلي، بعد أن انقطع هذا الوجود منذ أن حلت شرائع البشر محل شريعة اللّه في خلال القرنين الأخيرين وخلا وجه الأرض من الوجود الحقيقي للإسلام وإن بقيت المآذن والمساجد، والأدعية والشعائر تخدر مشاعر الباقين على الولاء العاطفي الغامض لهذا الدين وتوهمهم أنه لا يزال بخير وهو يمحى من الوجود محوا!
إن المجتمع المسلم وجد قبل أن توجد الشعائر، وقبل أن توجد المساجد .. وجد من يوم أن قيل للناس: اعبدوا اللّه ما لكم من إله غيره، فعبدوه. ولم تكن عبادتهم له ممثلة في الشعائر، فالشعائر لم تكن بعد قد فرضت. إنما كانت عبادتهم له ممثلة في الدينونة له وحده - من ناحية المبدأ فلم تكن بعد قد نزّلت شرائع! - وحين أصبح لهؤلاء الذين قرروا الدينونة للّه وحده سلطان مادي في الأرض تنزلت الشرائع وحين واجهوا الحاجات الحقيقية لحياتهم هم استنبطت بقية أحكام الفقه، إلى جانب ما ورد بنصه في الكتاب والسنة ..
وهذا هو الطريق وحده وليس هنالك طريق آخر ..
وليت هنالك طريقا سهلا عن طريق تحول الجماهير بجملتها إلى الإسلام منذ أول وهلة في الدعوة باللسان، وببيان أحكام الإسلام! ولكن هذه إنما هي «الأمانيّ»!
فالجماهير لا تتحول أبدا من الجاهلية وعبادة الطواغيت، إلى الإسلام وعبادة اللّه وحده إلا عن ذلك الطريق الطويل البطيء الذي سارت فيه دعوة الإسلام في كل مرة .. والذي يبدؤه فرد، ثم تتبعه طليعة، ثم تتحرك هذه الطليعة في وجه الجاهلية لتعاني ما تعاني حتى يحكم اللّه بينها وبين قومها بالحق ويمكّن لها في الأرض .. ثم .. يدخل الناس في دين اللّه أفواجا .. ودين اللّه هو منهجه وشرعه ونظامه الذي لا يرضى من الناس دينا غيره: «ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه» ..
اسم الکتاب : الإنسان بين الدينونة لله والدينونة لغيره المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 230