responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإنسان بين الدينونة لله والدينونة لغيره المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 216
وَقالُوا: هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ - بِزَعْمِهِمْ - وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها، وَأَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِراءً عَلَيْهِ! - سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ - وَقالُوا: ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا، وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ! سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ - قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَحَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِراءً عَلَى اللَّهِ، قَدْ ضَلُّوا وَما كانُوا مُهْتَدِينَ» [1].
فهذه نماذج من تكاليف العبودية لغير اللّه في الأموال والأولاد التي تقدم لمخلوقات من خلق اللّه. أشياء أو أحياء ما أنزل اللّه بها من سلطان! كذلك لا تستقيم حياة البشر إزاء بعضهم البعض بدون استقامة حقيقة الألوهية وحقيقة العبودية في اعتقادهم وتصورهم، وفي حياتهم وواقعهم .. إن إنسانية الإنسان وكرامته وحريته الحقيقية الكاملة لا يمكن أن تتحقق في ظل اعتقاد أو نظام لا يفرد اللّه سبحانه بالربوبية والقوامة والحاكمية ولا يجعل له وحده حق الهيمنة على حياة الناس في الدنيا والآخرة، في السر والعلانية ولا يعترف له وحده بحق التشريع والأمر والحاكمية في كل جانب من جوانب الحياة الإنسانية ..
والواقع البشري على مدار التاريخ يثبت هذه الحقيقة ويصدقها. فما من مرة انحرف الناس عن الدينونة للّه وحده - اعتقادا ونظاما - ودانوا لغير اللّه من العباد - سواء كانت هذه الدينونة، بالاعتقاد والشعائر أم كانت باتباع الأحكام والشرائع - إلا كانت العاقبة هي فقدانهم لإنسانيتهم وكرامتهم وحريتهم! والتفسير الإسلامي للتاريخ يرد ذل المحكومين للطواغيت، وسيطرة الطواغيت عليهم، إلى عامل أساسي هو فسوق المحكومين عن دين اللّه، الذي يفرد اللّه سبحانه بالألوهية، ومن ثم يفرده بالربوبية والسلطان والقوامة والحاكمية. فيقول اللّه سبحانه عن فرعون وقومه: «وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ: يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي؟ أَفَلا تُبْصِرُونَ؟ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ؟ فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ! فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ» ..

[1] - يراجع تفسير هذه الآيات من سورة الأنعام ص 1213 - 1228 من الجزء الثامن.
اسم الکتاب : الإنسان بين الدينونة لله والدينونة لغيره المؤلف : الشحود، علي بن نايف    الجزء : 1  صفحة : 216
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست