اسم الکتاب : التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي المؤلف : الخالدي، مصطفى الجزء : 1 صفحة : 93
الكتائبيين، وحاربناهم قبلهم. غير أن واحدًا لا يستطيع أن ينكر أن هذه العقيدة، مهما تكن أسسها واهية، ألفت بين المسيحي والمسلم وأذابت الطائفية التي نشكو منها جميعًا، والكتائب التي لم توفق عمليًا إلى هذا، أو إلى شيء من هذا فظلت على الرغم من جهاد استمر اثنتي عشرة سنة ذات لون واحد وصبغة واحدة. فهل تبنى الأوطان على عنصر (واحد) من المواطنين يحيا مع عناصر كثيرة؟.
لسنا هنا في مقام الموازنة بين عقيدة الحزب القومي وبين عقيدة الكتائب، ولا نحن في مقام المقارنة بين شكل المقالات الثلاث التي استشهدنا بها. غير أننا نريد أن نوجه البحث إلى صلب الموضوع: «الجامعة الأمريكية» من حيث هي جامعة أجنبية، ثم «الجامعة اليسوعية» من حيث هي جامعة أجنبية أيضًا. إن مقال جريدة " بيروت " ومقال جريدة " الديار " قد مَسَّا هَذَا المَوْضُوعَ مَسًّا، ولكن مقال جريدة " بيروت " كان أكثر رفقًا - كما هو معروف من سياسة هذه الجريدة - أما مقال " الديار " فكان أوضح قليلاً.
جريدة " العمل " تقول: «إن الجامعة الأمريكية يجب أن تزول لأن الكثيرين من الذين ينتمون إلى الحزب القومي السوري - عدو الكتائب - كانوا من الجامعة الأمريكية».
فتقبل جريدة " الديار " هذا التحديث شكلاً وتقول: «إن نظرة طلاب الجامعة الأمريكية أوسع من ذلك. إنهم " أرباب عقيدة عربية "» .. ثم إنها تغمز الكتائب في ميلهم إلى القومية الفينيقية، وتغمز طلاب المعاهد الأجنبية الأخرى غمزة شديدة فتقول: «يوم كان طلاب المعاهد الأخرى يغوصون في عبادة الاستعمار إلى ما فوق الرقاب».
هذا هو مجال المقارنة: ما مقام المدارس الأجنبية في حياتنا القومية؟
قد تتفاضل المعاهد الأجنبية في ذلك كثيرًا أو قليلاً، ولكن المعاهد الأجنبية معاهد أجنبية قبل كل شيء. ولقد اتفق للجامعة الأمريكية أن اعتنقت فكرة قومية أوسع، لأن أفقها كان أوسع، ولأن طلابها كانوا من بلاد أوسع انتشارًا في الأرض، ولأن الولايات المتحدة بلد مساحته ثمانية ملايين كيلومتر مربع، بينما الجامعة اليسوعية وجدت لتحبب فرنسا إلى أهل لبنان، أو إلى قسم من أهل لبنان على الأصح. ومع ذلك فإن هذا لا دخل له في موضوعنا الأساسي، فلنلتفت إلى ما كان لهذه المؤسسات الأجنبية كلها من مضار على حياتنا القومية والدينية والثقافية والاجتماعية، وإلى ما كان لها من نفع.
أما نحن فنرى أن الجامعات أداة توجيه في البلاد، من أجل ذلك لا يجوز أن تكون
اسم الکتاب : التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي المؤلف : الخالدي، مصطفى الجزء : 1 صفحة : 93