اسم الکتاب : التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي المؤلف : الخالدي، مصطفى الجزء : 1 صفحة : 71
إِنَّ المُبَشِّرَ الأَوَّلَ هُوَ المَدْرَسَةُ!:
1 - يجب أن يكون ثَمَّتَ مدارس حتى يستطيع المبشر أن يتصل بالناس ويدعوهم إلى مذهبه الديني. ولذلك قال اليسوعيون: «إِنَّ المُبَشِّرَ الأَوَّلَ هُوَ المَدْرَسَةُ» [1].
2 - ولما أراد المبشرون أن يجعلوا التعليم قاصرًا على التبشير فقط، من غير أن يطلعوا على سر ذلك أحدًا، اشترطوا أن يكون المعلم في هذه المدارس أجنبيًا غير وطني. أما إذا دعت الحاجة إلى معلم وطني فليكن مسيحيًا في الدرجة الأولى [2]، ولكن يجب أن يكون متمرنًا على التبشير [3]. ونحن إذا راجعنا أسماء الأساتذة الذين يعملون في مؤسسة كالجامعة الأمريكية مثلاً رأينا أن جميع الذين تعهدوا هذه المؤسسة من قبل، أو عملوا فيها، كانوا مبشرين. ولا يزال إلى اليوم فيها نفر مبشرون في الدرجة الأولى. وبالأمس القريب في عام 1945 أو 1946 وجه أستاذ من الأساتذة الذين لا يمكن أن تظن أنهم مبشرون، كل عنايته إلى طالب وأدخله المسيحية. ثم إن الجامعة أرسلت هذا الطالب إلى أحد الأديرة في بلجيكا. وإن أحدنا ليعجب ان تكون الجامعة الأمريكية إلى اليوم أيضًا مسرحًا للتبشير [4].
ولا تزال جميع المدارس الأجنبية تسير على سياسة الاستغناء عن المعلم المسلم ما أمكن، حتى الكلية العلمانية. أما مدارس اليسوعية والفرير (*) فلا يمكن أن يعلم فيها مسلم أبدًا، وأما الكلية العلمانية في بيروت ففيها مدرس [واحد] مسلم على ما نذكر. وأما الجامعة الأمريكية في بيروت فكانت قد مالت منذ عام 1925 إلى أن يكون فيها عدد من المدرسين المسلمين اختارتهم من أبناء الأسر المعروفة في بيروت والقدس ونابلس وحلب وحماه ودمشق، وكانت ترسلهم قبيل بدء كل عام مدرسي إلى المدن الداخلية ليشجعوا أبناءها على الدخول في الجامعة، ثم إنها أضربت عن ذلك أيضًا.
ولا حاجة بنا إلى القول بأن هؤلاء المدرسين لم يكونوا يعاملون، من حيث الراتب والرتبة، كالمدرسين الأمريكيين ولا كالمدرسين الوطنيين من غير المسلمين أيضًا، مع العلم بأن حال بعض المدرسين الوطنيين من غير المسلمين لم تكن حالاً تدعو إلى الغبطة. ولقد لقي بعض هؤلاء المدرسين المسلمين من الجامعة الأمريكية عنتًا شديدًا. [1] Les Jésuites en Syrie 10 : 97 [2] Jessup 304, 518, 519 [3] Jessup 59; Bliss R 334 [4] وقد عاد هذا الطالب في أواسط 1949 بعد أن درس هناك ما قيل له أَنْ يُدَرِّسَهُ.
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) الفرير: كلمة فرنسية Frères وتعني الإخوة (أي الإخوة المسيحيين).
اسم الکتاب : التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي المؤلف : الخالدي، مصطفى الجزء : 1 صفحة : 71