responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي المؤلف : الخالدي، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 66
صغيرة وشغلوا أنفسهم بتبديل عقائد الأفراد الدينية باذلين جهودًا كبارًا في سبيل منافسة غير نبيلة: عداوة على تجاذب الأشخاص بين اليسوعيين والبروتستانت، ومكائد بين فرق البروتستانت أنفسهم، ثم رياء لا حد له في تزيين الآراء وتسويد صفحات التاريخ.
ونحن هنا دائرون بك حول نقطتين: حول استغلال المبشرين للعلم بطرق لا تنكشف إلا عن ضيق في الأفق، إلا أن هذا قليل الأهمية لأن الإنسان لا يلبث أن يرى هذا الأفق الضيق فيجازي به أصحابه. وأما النقطة الثانية فهي حرص المبشرين على إفساد النبل الإنساني وجعل العلم - العلم الذي هو نعمة في سبيل تحرر الإنسانية ورقيها - وسيلة إلى استعباد الأفراد والأمم ثم سوقهم بسيف الاستعمار إلى الاستكانة أمام سلطان السياسة المادي. لقد سَخَّرَ المبشرون اسم اللهِ في سبيل ترويج بضائع أممهم ونشر الفساد الاجتماعي في العالم، ولا ريب في أن بعضهم قام بما قام به غير عارف بما سيترتب على عمله من العواقب. ولكن العاقبة على كل حال لم تكن حميدة.

لَيْسَ لِلْتَّعْلِيمِ عِنْدَهُمْ غَايَةُ سِوَى التَّبْشِيرُ:
قال نفر من المبشرين:
«إِنَّ أَهْدَافَ المَدَارِسِ وَالكُلِّيَّاتِ التِي تُشْرِفُ عَلَيْهَا الإِرْسَالِيَاتُ فِي جَمِيعِ البِلاَدِ كَانَتْ دَائِمًا مُتَشَابِهَةً. إِنَّ المَدَارِسِ وَالكُلِّيَّاتِ كَانَتْ تُعْتَبَرُ فِي الدَّرَجَةِ الأُولَى وَاسِطَةً لِتَمْرِينِ قِسَسٍ لِلْكَنِيسَةِ ... حَتَّى أَنَّ المَوْضُوعَاتِ العِلْمَانِيَّةِ التِي تُعَلَّمُ، مِنْ كُتُبٍ غَرْبِيَّةٍ وَعَلَى يَدِ مُدَرِّسِينَ غَرْبِيِّينَ، تَحْمِلُ مَعَهَا الآرَاءَ النَّصْرَانِيَّةَ» [1]. وعلى هذا (الأساس) كتب المبشر (هنري هريس جسب) إلى المحترم (و. ستوارت دودج) في الخامس من كانون الأول عام 1870: «لِنَبْتَهِلْ إِلَى اللهِ فِي سَبِيلِ تَعْمِيدِ نُفُوسِ أُولَئِكَ الشُّبَّانِ الذِينَ يَتَرَدَّدُونَ عَلَى الكُلِّيَّاتِ» [2]. ويرى (هنري جسب) نفسه: «أَنَّ التَّعْلِيمَ فِي (مَدَارِسِ) الإِرْسَالِيَاتِ المَسِيحِيَّةِ إِنَّمَا هُوَ وَاسِطَةٌ إِلَى غَايَةٍ فَقَطْ. هَذِهِ الغَايَةُ هِيَ قِيَادَةُ النَّاسِ إِلَى المَسِيحِ وَتَعْلِيمِهِمْ حَتَّى يُصْبِحُوا أَفْرَادًا مَسِيحِيِّينَ وَشُعُوبًا مَسِيحِيَّةً. وَلَكِنْ حِينَمَا يَخْطُو التَّعْلِيمُ وَرَاءَ هَذِهِ الحُدُودِ لِيُصْبِحَ غَايَةً فِي نَفْسِهِ وَلِيُخَرِّجَ لَنَا خِيرَةَ عُلَمَاءِ الفَلَكِ وَطَبَقَاتِ الأَرْضِ وَعُلَمَاءِ النَّبَاتِ وَخَيْرِ الجَرَّاحِينَ وَالأَطِبَّاءِ فِي سَبِيلِ الزَّهْوِ العِلْمِيِّ ... فَإِنَّنَا لاَ نَتَرَدَّدُ حِينَئِذٍ فِي أَنْ نَقُولَ: إِنَّ رِسَالَةً مِثْلَ هَذِهِ قَدْ خَرَجَتْ عَنْ المَدَى التَّبْشِيرِي المَسِيحِيِّ إِلَى مَدَى عِلْمَانِيِّ مَحْضٍ،

[1] Re -Thinking Missions 118
[2] Jessup 378
اسم الکتاب : التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي المؤلف : الخالدي، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 66
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست