اسم الکتاب : التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي المؤلف : الخالدي، مصطفى الجزء : 1 صفحة : 56
تحقيق التعاون على وجه ناجح [1]. وهذا من حسن حظ المسلمين وحظ سائر البشر.
المُبَشِّرُونَ يَحْتَالُونَ عَلَى النِّظَامِ الجُمْرُكِيِّ:
ولم يكتف المبشرون منذ أول أمرهم بأن يقيموا حيث شاءوا في الإمبراطورية العثمانية، بل اتخذوا من ضعف الدولة العثمانية سببًا إلى التخلص من دفع الضرائب لأنهم أجانب!
ويبدو لنا بكل وضوح أن الامتيازات التي أصبح الأجانب يتمتعون بها في الإمبراطورية العثمانية كانت تزيد كلما زاد ضعف تلك الإمبراطورية. فالأمريكيون مثلاً لم يكونوا قبل عام 1865 مُعْفَيْنَ مِنَ الضَّرَائِبِ [2]. ويبدو أن الرهبان اليسوعيين خاصة كانوا يتمتعون بالإعفاء من الضرائب قبل المبشرين الأمريكيين [3]. وأخيرًا أصبحت الإمبراطورية العثمانية من الضعف بحيث سمحت لجميع الأجانب بأن يتمتعوا في إمبراطوريتها بامتيازات واسعة فلا يدفعون ضرائب على ما يستوردون من الخارج إذا كان لحاجاتهم الخاصة. ولكن تركيا عاودتها في آخر الأمر جرأتها وألغت الإعفاء الجمركي لأنها عرفت أن رجال الدين الأجانب الذين جاءوا لأعمال البر والإحسان بين ظهرانينا قد جعلوا يستوردون البضائع المختلفة ثم يبيعونها للتجار الوطنيين، أو يبيعونها لحسابه الخاص ولكن بواسطة التجار الوطنيين [4].
ولقد كانت الدول الأجنبية تبسط الحماية على مبشريها في بلاد المشرق لأنها تعدهم حملة لتجارتها وآرائها ولثقافتها إلى تلك البلاد، بل لقد كان ثمت ما هو أعظم من هذا عندها: لقد كان المبشرون يعملون - بطرق مختلفة كالتعليم مثلاً - على تهيئة شخصيات شرقية لا تقاوم التبسط الأجنبي [5].
في الرابع من نيسان عام 1924 عقد اتفاق بين الولايات المتحدة وفرنسا في باريس، ولكن لم يعلن إلا في الثالث عشر من آب، جاء في المادة العاشرة منه:
«إِنَّ أَشْرَافَ الدَّوْلَةِ المُنْتَدَبَةِ عَلَى الإِرْسَالِيَّاتِ الدِّينِيَّةِ فِي سُورِيَّةَ وَلُبْنَانَ يَجِبُ أَنْ [1] Cooperation and the World Mission 45 [2] Jessup 293, 572, 470. [3] Jessup 534 etc. [4] Jessup 293. [5] Re -Thinking Missions p. 11, 14, 15
اسم الکتاب : التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي المؤلف : الخالدي، مصطفى الجزء : 1 صفحة : 56