responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي المؤلف : الخالدي، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 37
النصارى على قصر نظرهم في أثناء الأعصر المتطاولة التي تلت ظهور الإسلام، فإنهم كانوا فيها وادعين غافلين بينما كانت الإمبراطورية البيزنطية (الرومانية الشرقية) تغيب شيئًا فشيئًا في الإمبراطورية الإسلامية حتى سقطت القسطنطينية نفسها عام 1453 بيد الأتراك العثمانيين [1]. ولا ريب في أن (رشتر) يتألم للناحية السياسية، لأنه هو نفسه يذكر أن سكان الإمبراطورية الشرقية كانوا نصارى بالاسم [2]، أضف إلى ذلك أنه كان مبشرًا بروتستانتيًا بينما سكان الإمبراطورية الشرقية كانوا على المذهب الأرثوذكسي.

ولكن كل ما ذكرناه يعود إلى قبل ألف عام من الدهر، فهل ثمت مبرر لاستمرار هذه العداوة إلى أيامنا هذه؟

إذا اعتبرنا أن أساس العداوة سياسي دنيوي لا روحي ديني أَيْقَنَّا أن هذه العداوة من المبشرين نحو الإسلام لا يزال لها مبرارتها. لقد أبرز (لورنس براون) هذا الموقف في صورة واضحة حينما قال: «إِذَا اتَّحَدَ المُسْلِمُونَ فِي إِمْبرَاطُورِيَّةٍ عَرَبِيَّةٍ، أَمْكَنَ أَنْ يُصْبِحُوا لَعْنَةً عَلَى العَالَمِ وَخَطَرًا، وَأَمْكَنَ أَنْ يُصْبِحُوا أَيْضًا نِعْمَةً لَهُ، أَمَّا إِذَا بَقُوا مُتَفَرِّقِينَ فَإِنَّهُمْ يَظَلُّونَ حِينَئِذٍ بِلاَ قُوَّةٍ وَلاَ تَأْثِيرٍ» [3]. أما القس سيمون [4] فكان أوضح في التعبير لما قال: «إِنَّ الوَحْدَةَ الإِسْلاَمِيَّةَ تَجْمَعُ آمَالَ الشُّعُوبِ السُّمْرِ (كَذَا)، وَتُسَاعِدُهُمْ عَلَى التَمَلُّصِ مِنَ السَّيْطَرَةِ الأُورُوبِيَّةِ. وَلِذَلِكَ كَانَ التَبْشِيرُ عَامِلاً مُهِمًّا فِي كَسْرِ شَوْكَةِ هَذِهِ الحَرَكَةِ، ذَلِكَ لأَنَّ التَبْشِيرَ يَعْمَلُ عَلَى إِظْهَارِ الأُورُوبِيِّينَ فِي نُورٍ جَدِيدٍ جَذَّابٍ، وَعَلَى سَلْبِ الحَرَكَةِ الإِسْلاَمِيَّةِ مِنْ عُنْصُرَيْ القُوَّةِ وَالتَمَرْكُزِ اللَّذَيْنِ هُمَا فِيهَا: إِذَا كَانَتْ الوَحْدَةُ الإِسْلاَمِيَّةُ تَكَتُّلاً ضِدَّ الاِسْتِعْمَارِ الأُورُوبِيِّ، ثُمَّ اسْتَطَاعَ المُبَشِّرُونَ أَنْ يُظْهِرُوا الأُورُوبِيِّينَ فِي غَيْرِ مَظْهَرِ المُسْتَعْمِرِ، فَإِنَّ الوَحْدَةَ الإِسْلاَمِيَّةَ حِينَئِذٍ تَفْقِدُ حُجَّةً مِنْ حُجَجِهَا وَسَبَبًا مِنْ أَسْبَابِ وُجُودِهَا. مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَالُوا: يَجِبُ أَنْ نُحَوِّلَ بِالتَّبْشِيرِ مَجَارِي التَّفْكِيرِ فِي الوَحْدَةِ الإِسْلاَمِيَّةِ حَتَّى تَسْتَطِيعَ النَّصْرَانِيَّةُ أَنْ تَتَغَلْغَلَ فِي المُسْلِمِينَ» [5]. وكذلك كان الفرنسيون يخافون من المساعي لتحقيق الوحدة الإسلامية [6].

وعلى هذا الأساس أصبح الأتراك خطرًا على أوروبا منذ دخلوا في الإسلام، لا

[1] Richter 13. 14, 271 - 2; cf. Addison 3
[2] Richter 14
[3] Cf. Brown, 37; cf, Islam and Missions 44 - 48
[4] Rev. G. Simon
[5] Islam and Missions 93, 68. 69
[6] Pottier 993
اسم الکتاب : التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي المؤلف : الخالدي، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 37
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست