responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي المؤلف : الخالدي، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 199
لُبْنَانَ خَمْسِينَ حَانَةً وَعَدَدًا كَبِيرًا مِنْ بُيُوتِ الدَّعَارَةِ. وَكَذَلِكَ تَفَشِّي السُّكْرِ إِلَى حَدٍّ لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبْلُ مَعْرُوفًا. ثُمَّ زَالَ الاِحْتِلاَلُ الفِرَنْسِيُّ، وَلَكِنَّ سَيِّئَاتَهُ لَمْ تُزَلْ» [1].

ولم يكن الفرنسيون في ذلك وحدهم مَثَلَ السُّوءِ بل جاراهم الإنجليز كخيل الرهان. وصلت إلى بيروت سفينة حربية إنجليزية إلى حانة يديرها مسيو (تروية) [2] وطلبوا خمرًا فلم يعطهم. عندئذٍ اندفعوا إلى الحانة يحطمون ما فيها، فأخذوا وسجنوا. ويقول المبشر (جسب) بصراحة: «أَنَّ هَذَا العَمَلَ قَدْ حَطَّ مِنْ قَدْرِ الإِنْجْلِيزْ فِي عُيُونِ أَهْلِ بَيْرُوتَ، وَكَانَ مِمَّا يُقَلِّلُ الثِّقَةَ بِالمُبَشِّرِينَ» [3].

ومما يستحق الذكر ويساعد على فهم هذه السياسة من الإفساد الجدي الذي كان يرافق الأعمال الاجتماعية التي كان الغربيون يقومون بها في بلادنا رياءً لمآربهم «أَنَّهُ كَانَ فِي بَيْرُوتَ عَامَ 1856 حَانَةً وَاحِدَةً يُدِيرُهَا رَجُلٌ يُونَانِيٌّ. غَيْرَ أَنَّ (البَاشَا) - الحَاكِمُ - أَغْلَقَهَا. وَلَكِنَّ القُنْصُلَ اليُونَانِيَّ احْتَجَّ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ فَتَحَهَا لأَنَّ صَاحِبَهَا يَتَمَتَّعُ بِحِمَايَةِ دَوْلَةٍ مَسِيحِيَّةٍ ... وَكَذَلِكَ كَانَتْ الخَمْرُ تُشْحَنُ مِنْ إِنْجْلِتْرَا إِلَى الإِمْبْرَاطُورِيَّةِ العُثْمَانِيَّةِ لِتَفْتِكَ بِالشُّعُوبِ العُثْمَانِيَّةِ كَمَا هِيَ الآنَ [4] تَفْتِكُ بِالقَبَائِلِ الأَفْرِيقِيَّةِ» [5].

والإنجليز قديمو العهد في صناعة الإفساد الخلقي للولوج بالاستعمار إلى مناطق العالم المختلفة. في عام 1839 ثارت بين إنجلترا والصين حرب عرفت باسم (حرب الأفيون)، ذلك لأن الشركات البريطانية كانت قد أنشأت في البنغال - شرقي الهند - مزارع ومعامل للأفيون وأخذت ترسله إلى الصين جَهْرًا وَسِرًّا. ولما حاولت الصين أن تمنع دخول الأفيون إلى بلادها حرصًا على صحة أهلها، هبت إنجلترا لمحاربة الصين دفاعًا عن حرية التجارة. وانتهت (حرب الأفيون) بانتصار إنجلترا وعقد معاهدة نانكين (1842) واستيلاء الإنجليز على جزيرة هونغ كونغ. واستمر تهريب الأفيون إلى الصين احتكارًا تامًا للإنجليز وللشركات الإنجليزية [6]. وهكذا فرض الإنجليز هذا المخدر بقوة السلاح على أهل الصين تنفيذًا لخطة أملتها مطامع الاستعمار [7].

[1] Jessup 233 ff. , 730
[2] Mr. Troyet
[3] Jessup 235
[4] في زمن المبشر (جسب): Jessup .
[5] Jessup 120
[6] راجع " الاستعمار الفرنسي عدو الشعوب ": ص 19 وما بعدها.
(7) " قصة العقاقير "، للدكتور محمود سلامة (سلسلة إقرأ، رقم 124)، ص 9.
اسم الکتاب : التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي المؤلف : الخالدي، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 199
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست