responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي المؤلف : الخالدي، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 193
هم، موجود في الإسلام وفي أشكال أتم وأحسن [1]. وهذا حق، فالدين الإسلامي ليس عقيدة فقط بل هو عقيدة ونظام اجتماعي أيضًا. أما النصرانية فليست كذلك. وأن ما يأتي به المبشرون على أنه إصلاحات اجتماعية، إنما هي نتاج مشوه لمبادئ اجتماعية نشأت في القرون المتأخرة. وما كان أغنى المسلمين عن أن يتناولوا هذه المبادئ الاجتماعية ملونة بلون التبشير! إن ثمة حاجة إلى تجديد اجتماعي بين المسلمين، لا ريب في ذلك. من أجل ذلك يحسن اللجوء إلى المذاهب الاجتماعية، إذا كانت موافقة، من غير أن تمر بين أيدي المبشرين.

وهنالك أمر آخر يمنع المسلمين من تصديق أقوال المبشرين، حتى في الاجتماع. يقول المبشر (و. رايد):
«إِنَّ الوُصُولَ إِلَى المُسْلِمِينَ صَعْبٌ ... ذَلِكَ لأَنْ المُسْلِمِينَ يَشُكُّونَ فِي مَنْ يَتَبَرَّعُ لَهُمْ (مِنَ المُبَشِّرِينَ) وَيَعْزُونَ عَمَلَهُ إِلَى مَأْرَبٍ مَا ... إِنَّنِي أَنَا (وَالكَلاَمُ لِلْمُبَشِّرِ رَايْدْ) أُحَاوِلُ أَنْ أَنْقُلَ المُسْلِمَ مِنْ مُحَمَّدٍ إِلَى المَسِيحِ، وَمَعَ ذَلِكَ يَظُنُّ المُسْلِمُ أَنَّ لِي فِي ذَلِكَ غَايَةٌ خَاصَّةٌ، أَنَا لاَ أَحُبَّ المُسْلِمَ لِذَاتِهِ، وَلاَ لأَنَّهُ أَخٌ لِي فِي الإِنْسَانِيَّةِ. وَلَوْلاَ أَنَّنِي أُرِيدُ رِبْحَهُ إِلَى صُفُوفِ النَّصَارَى لَمَا كُنْتُ تَعَرَّضْتُ لَهُ لأُسَاعِدَهُ» [2].

والمسلمون يعرفون هذا، ولذلك قلما يثقون بالمبشرين وبأعمالهم الاجتماعية، لاَ كُرْهًا بِالأَعْمَالِ الاِجْتِمَاعِيَّةِ، بل لأن هذه الأعمال تأتي دائمًا ناقصة مشوهة لأنها في الحقيقة وسيلة تبشير ديني، هو بدوره وسيلة أخرى إلى استعمار سياسي واقتصادي.

الإِحْسَانُ طَرِيقُ التَّبْشِيرِ:
الإحسان في حقيقته عطف من القوي على الضعيف، عطف يتبدى في صور مختلفة أبرزها وأشهرها دفع المال. ولكن الإحسان قد يجري مجاري أخرى كالتعليم المجاني، وهبة الثيات والكتب، والمساعدة على إيجاد عمل وما يجري هذا المجرى. فلنبدأ هنا بالمال:
لم يكن المبشرون محسنين بالمعنى النبيل الذي نفهمه من هذه الكلمة، ولكنهم كانوا يستغلون ما بأيديهم من وسائل الإحسان حتى يصلوا إلى أهدافهم التبشيرية فالاستعمارية.
ولقد كانوا فوق ذلك مقتصدين جِدًّا لا ينفقون ولا ينفعون إلا بمقدار ما ينتظرون من فوائد

[1] Christian Workers 34 f. , 68 ff
[2] quoted in Gairdner 264
اسم الکتاب : التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي المؤلف : الخالدي، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 193
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست