responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي المؤلف : الخالدي، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 180
ولا ريب في أن محمدًا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يقاتل اليهود لأنهم يهود. إن هذا بَيِّنٌ من " القرآن الكريم "، فإن " القرآن الكريم " عَدَّ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى أهل كتاب سماوي فلم يحملهم على اعتناق الإسلام [1] ولم ينقصهم حظهم من الإيمان ولا من نعم الله. قال " القرآن الكريم ": {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 47 و 122]. وكذلك ذكر " القرآن الكريم " الأمم التي هي أهل كتاب سماوي بالرحمة والفوز في الآخرة، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} [2].

وإنما قاتل محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اليهود لأنهم كانوا يخونونه كلما عاهدوه، وهذا أيضًا من " القرآن الكريم ":
- {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ} [البقرة: 100].
- {الَّذِينَ عَاهَدْتَ (*) مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ} الأنفال: 56].
- {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ (أي المنافقين واليهود) لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ (**) يَعْلَمُهُمْ} [الأنفال: 60].

وتوفي الرسول (سنة 11 هـ = عام 632 م) واليهود كلهم لا يزالون في الحجاز مطمئنين إلى أموالهم وأرضهم وعقيدتهم. فلما جاء عمر بن الخطاب (سنة 13 هـ = عام 634 م) أدرك أن الدولة الإسلامية لا يمكن أن ترسخ في شبه جزيرة العرب ما دام اليهود فيها يثيرون أهلها على الدولة ويفقرونها بالربا الفاحش فأمر بإخراجهم. ولكن عمر لم ينتزع أموال اليهود بل ثمنها ثم دفع لهم نصف أثمانها، فهاجروا إلى سورية [3].

أما في سورية فكان اليهود يَلْقَوْنَ من الدولة البيزنطية اضطهادًا بالغًا. فلما أخذ العرب بفتح الشام (سورية) جعل اليهود يرحبون بهم استبشارًا بالنجاة من نير بيزنطة [4].

إن العرب والمسلمين لم يضطهدوا اليهود لأنهم يهود، بل لم يضطهدوهم في أول الأمر على الإطلاق. ولكن لما كثر اعتداء اليهود على العرب والمسلمين سِرًّا وعلانية لم يبق بُدٌّ من دفع هذا الاعتداء، ولقد دفعه العرب بالحسنى أيضًا وبالحق. أما الذين يعرفون تاريخ

[1] [البقرة: 47 و 122].
[2] [البقرة: 62].
[3] cf. Wismar 98
[4] ibid 82
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ / تَوْفِيقْ بْنُ مُحَمَّدٍ القُرَيْشِي]:
(*) ورد في الكتاب المطبوع خطأ في الآية (الذين عاهدوا منهم) والصواب ما أثبته.
(**) ورد في الكتاب المطبوع خطأ في الآية (نحن نعلمهم) والصواب ما أثبته.
اسم الکتاب : التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي المؤلف : الخالدي، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 180
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست