اسم الکتاب : التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي المؤلف : الخالدي، مصطفى الجزء : 1 صفحة : 133
ولمرسيلية في فرنسا عام 1136 م.
وبما أن الإمبراطورية (الرومية أو الرومانية الشرقية) كانت يومذاك مستضعفة فقد اضطرت إلى أن تمنح مثل هذه الامتيازات لدول أوروبا القوية.
ثم لما استولت الدولة العثمانية على الإمبراطورية البيزنطية طمعت الدول الغربية في أن تظل لها امتيازاتها في البلاد التي انتقلت من أيدي الروم إلى أيدي العثمانيين. ولم تصل الدول الغربية إلى تحقيق بغيتها إلا في القرن السادس عشر حينما قبل السلطان [سليمان] القانوني عام 1536 م أن يمنح (فْرُنْسْوَا الأَوَّلْ) ملك فرنسا شيئًا من الامتيازات التجارية ومن الاعتراف لرعاياه، إذا سكنوا في الإمبراطورية العثمانية أو مروا فيها، ببعض الامتيازات القانونية والتجارية أيضًا. والذي يلفت نظرنا هنا مما يتعلق ببحثنا ثلاثة أمور:
1 - أن الرجل الذي عهد إليه بالحصول على هذه الامتيازات لفرنسا من الباب العالي كان يدعى (ده لا فورست) [1]، وهو راهب من فرسان (القديس يوحنا) الصليبيين.
2 - إن هذه الامتيازات كانت للنصارى من الأجانب، جاء في " دائرة المعارف البريطانية " نفسها ما يلي:
«وَكَيْ لاَ يُظَنَّ أَنَّ هَذِهِ الاِمْتِيازَاتِ هِبَةً [اِنْتَزَعَهَا] مَلِكٌ مَسِيحِيٌّ مُنْتَصِرٌ مِنْ تُرْكِيٍّ مُسْتَضْعَفٍ، يَجِبُ أَنْ نُذَكِّرَ أَنَّ الدَّوْلَةَ العُثْمَانِيَّةَ كَانَتْ يَوْمَذَاكَ فِي ذُرْوَةِ قُوَّتِهَا، بَيْنَمَا كَانَ (فْرُنْسْوَا الأَوَّلْ) لاَ يَزَالُ يَشْكُو مِنْ آثَارِ " مَعْرَكَةِ بَافِيَهْ " [2] بِإِيطَالْيَا التِي اِنْهَزَمَ فِيهَا أَمَامَ (شَارْلُكَانْ)» قبل عشر سنوات.
3 - من أجل ذلك عين الراهب الصليبي (ده لا فورست) سفيرًا في الآستانة، فكان أول سفير لفرنسا في الإمبراطورية العثمانية.
ومع الأيام أخذت الإمبراطورية العثمانية تضعف، فكان ضعفها المتوالي المتزايد سببًا في ازدياد شَرَهِ الدُّوَلِ الأَجْنَبِيَّةِ، لما في الشرق من خيرات وكنوز، فبعد أن كانت الامتيازات الأجنبية قاصرة - فيما يتعلق بما فعله سليمان القانوني - على الفرنسيين، امتدت نعمتها إلى الإنجليز ثم إلى الهولنديين والإيطاليين والإسبان، ثم إلى الأمريكان ورعايا النمسا وروسيا واليونان. ولقد كان رعايا كل دولة يتوسعون في هذه الامتيازات ليتمتعوا بحقوق وإعفاء لم تكن من قبل لهم. وأخيرًا أصبحت الشعوب والجماعات غير المسلمة تتمتع في الإمبراطورية العثمانية باستقلال طائفي فيما يتعلق بالأحوال الشخصية (من زواج وإرث وغيرهما)، [1] De la Forest [2] Pavia
اسم الکتاب : التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي المؤلف : الخالدي، مصطفى الجزء : 1 صفحة : 133