responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي المؤلف : الخالدي، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 131
كثيرة جسيمة في بعض الأحيان. من أجل ذلك اقترح المبشرون على دولهم أن يشلوا حياة المسلمين بإبعادهم عن الشواطئ ذات الأمطار الوافية وطرق المواصلات الكافية والمراكز الحربية المهمة ثم حصرهم في الداخل وفي الصحاري على الأكثر. إن اقتراحات مثل هذه قد أبديت فيما يتعلق بإسكان اللاجئين بعد كارثة فلسطين عام 1948. إلا أن الفكرة نفسها قديمة، ويدعى رجل مبشر، أو متصل بالتبشير، إنه هو الذي اقترحها:
كتب كاتب اسمه (أشعيا بومان) [1] في مجلة " العالم الإسلامي " مقالاً عنوانه " الجغرافية السياسية للعالم الإسلامي " [2]، ذكر فيه «أَنَّ شَيْئًا مِنَ الخَوْفِ يَجِبُ أَنْ يُسَيْطِرَ عَلَى العَالَمِ الغَرْبِيِّ. لِهَذَا الخَوْفِ أَسْبَابٌ مِنْهَا أَنَّ الإِسْلاَمَ مُنْذُ ظَهَرَ فِي مَكَّةَ لَمْ يَضْعَفْ عَدَدِيًّا، بَلْ هُوَ دَائِمًا فِي اِزْدِيَادٍ وَاِتِّساعٍ، ثَمَّ إِنَّ الإِسْلاَمَ لَيْسَ دِينًا فَحَسْبَ، بَلْ إِنَّ مِنْ أَرْكَانِهِ الجِهَادُ. وَلَمْ يَتَّفِقْ قَطُّ أَنَّ شَعْبًا دَخَلَ فِي الإِسْلاَمِ ثُمَّ عَادَ نَصْرَانِيًّا».

وكذلك يرى هذ الكاتب «أَنَّ الصَّحْرَاءَ كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ حِصْنًا مَنِيعًا، ذَلِكَ لأَنْ " البَدْوَ " نِسْبَةٌ مِئَوِيَّةٌ كَبِيرَةٌ فِي المُسْلِمِينَ، وَإِنَّه مَا مِنْ دَوْلَةٍ حَاوَلَتْ التَّغَلُّبَ عَلَى المُسْلِمِينَ وَاِتَّفَقَ أَنْ ظَفَرَتْ إلاَّ خَسِرَتْ أَضْعَافَ مَا خَسِرَهُ المُسْلِمُونَ فِي ذَلِكَ الكِفَاحِ ...».

من أجل ذلك يقترح هذا الكاتب «أَنْ تَتَّفِقَ بَرِيطَانْيَا وَفِرَنْسَا، مَا دَامَتَا أَكْثَرُ الدُّوَلِ سَيْطَرَةً عَلَى العَالَمِ الإِسْلاَمِيِّ [3]، عَلَى سِياسَةِ " السَّيْطَرَةِ عَلَى الشَّواطِئِ " حَيْثُ يُمْكِنُ وَصُولِ الدَّوَارِعِ وَآلاَتِ القِتَالِ الحَدِيثَةِ بِسُهُولَةٍ».

فإذا نحن قرأنا هذا الكلام ثم ذكرنا ما فعلته إيطاليا في طرابلس الغرب من إعطاء الشواطئ إلى الإيطاليين وطرد العرب إلى الداخل، أدركنا أن التبشير والاستعمار متفقان على إبعاد المسلمين عن الشواطئ. وكذلك لما أعطت هيأة الأمم فلسطين لليهود نفذت جُزْءًا من هذه المؤامرة الخطيرة، فأخلت الشواطئ من العرب المسلمين ثم قذفت بهم إلى داخل البلاد وإلى ما وراء نهر الأردن. ولقد هال هيأة الأمم أن ترى عددًا كبيرًا من اللاجئين الفلسطينيين قد أموا لبنان - على الشاطئ - فهي لا تزال تحاول إقناعهم بالذهاب إلى سورية أو العراق أو شرق الأردن لتبعدهم عن الشواطئ. وكذلك تحاول فرنسا أن تفعل في المغرب، وخصوصًا في الجزائر، مثل هذا الفعل.

[1] Isahiah Bowman, New York
[2] Moslem World : the Political Geograpy of the Mohammedan World, Jan. 1930. pp. 1 - 4
[3] نشر هذا المقال عام 1930
اسم الکتاب : التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي المؤلف : الخالدي، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 131
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست