اسم الکتاب : الحملة الصليبية على العالم الإسلامي والعالم المؤلف : الطويل، يوسف الجزء : 1 صفحة : 265
الناس ما عداهم، تنفيساً عن نفوسهم المتعفنة بالخرافات والعامرة بأصناف الشر والكراهية للآخرين [1].
وبالرغم من أن دعوة السيد المسيح جاءت لتنقض كل هذه الأحقاد والوحشية والدموية التي تميز بها العهد القديم، من خلال الدعوة للمحبة والسلام والرحمة، إلا أن هذه الدعوة والمبادئ السمحة لم تصمد طويلاً، حيث جاء يوحنا اللاهوتي الذي لم يكن حوارياً، بل كان كاهناً يهودياً، جاء ليفسد ما قام به السيد المسيح، ويعيد الأمور إلى العهد القديم ودمويته، وقد كتب المفسر الكبير (دود) في كتابه مؤسس المسيحية: "أن المسيانيه في العقلية الدارجة قد ارتبطت بالدور السياسي والعسكري (لنسل داود)، وهذا الدور كان آخر ما يرغبه عيسى عليه السلام". وأضاف كذلك في (مواعظ مملكة الرب): "أن كلمات يسوع لا يوجد ما يوازيها في التعاليم اليهودية، ولا يجب حسبان مهمة يسوع على أنها محاولة إصلاح اليهودية فقد أتى يسوع بشيء مختلف عنها تماماً، ويبتعد عنها كل البعد، ولا يمكن أن يتوافق مع النظام التقليدي" [2].
ولكن ما قام به بولس ويوحنا، قلب هذه الأمور رأساً على عقب، حيث اقتبس يوحنا رؤياه بكل صورها الوحشية والدموية، من التراث اليهودي، وقدم مسيحه اليهودي بصورة بطل محارب، اختار جماعة معينة من البشر واختص بهم. وبفضله ستقوم مملكة صهيون التي سيحكم منها شعبه المختار الأمم والشعوب جميعها. فالمعركة بين جيش القديسين بقيادة المسيح اليهودي المنتظر، وبين جيش الأشرار بقيادة جوج ومأجوج، عند الموضع الذي يدعى هرمجيدون بالعبرية، لن تنشب قبل عودة اليهود جميعاً إلى الأرض المقدسة، وإقامة الدولة اليهودية، لأن مجيء المسيح المنتظر مرتبط بعودة اليهود إلى ارض فلسطين، وطرد أعداء إسرائيل ـ العرب ـ منها، كما يعتقد الأصوليون المسيحيون، الذين يعتقدون أن الخلاص الذي يتطلعون إليه، كان محوره اليهود، لأنه بغير اليهود لا مجيء ثان [3]. [1] رسائل حضارية في مواجهة اليهودية ـ الأب فوتيوس خليل ص41 [2] أمريكيا طليعة الانحطاط روجيه جارودى ـ ص156 [3] المسيحية والتوراة - شفيق مقار ص148
اسم الکتاب : الحملة الصليبية على العالم الإسلامي والعالم المؤلف : الطويل، يوسف الجزء : 1 صفحة : 265