فإن وجد شيئًا في نفسه بعد هذه المسائلة والمحاسبة فليتب إلى الله، وليندم على ما فعل، وليعاهد الله على ألا يعود، والله -سبحانه وتعالى- يتقبل من التائبين المستغفرين، فهذا المنهج ولا شك يعمق في الداعية شعور المحاسبة والمراقبة لله، والرجوع إليه، والاتكال على محض فضله وكرمه، والالتجاء إليه فيما ينوب ويروع مع ملازمة المجاهدة والانكسار والافتقار إليه، والله سبحانه لا يضيع أجرَ من أحسن عملًا.
من الآفات الخطيرة التي قد تصيب الدعاة: "الكِبْر"
ومن الآفات الخطيرة: الكِبر.
وهو خُلقٌ باطني في الإنسان تصدر عنه أعمال ظاهرة هي ثمرته، هذه الأعمال لا تخفى على كل ذي عقل وبصيرة، فحين يراها الرائي يعلم علمًا أنها من علامات الكبر وظواهر الخيلاء.
من علامات الكبر التي تدل عليه: إظهار التّرَفُّع على الناس، وحب التصدر في المجالس، التبختر والاختيال في المشي، الاشمئزاز من أن يُرد عليه كلامُه وإن كان باطلًا؛ الاستخفاف بضعفة المُسلمين ومساكينهم، الافتخار بالآباء، والاعتزاز بالنسب، واستشراف التعظيم، والثناء والمجد.
وبالاختصار نقول: يوجد الكبر من أمور ثلاثة هي: أن يرى لغيرة منزلة، ويرى لنفسه منزلة، ويرى أن منزلته فوق منزلة غيرة. فبهذه الثلاثة يحسن خلق الكبر الباطني في الإنسان، ويُسمى أيضًا عزةً وتعظمًا وتعاليًا وانتفاخًا وانتفاسًا.
قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لرجل استأذنه في بعض الناس بعد صلاة الفجر: "أخشى أن تنتفخ حتى تبلغ الثريا". ففي هذه الأحوال التي تحصل للإنسان،