وفي الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما ضَلّ قوم بعد هدًى كانوا عليه، إلّا أوتوا الجدل)) ثم قرأ: {وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا} (الزخرف: 58)، فهذا الحديث تقبيح ظاهر بالذين اغتروا بعملهم وبَنَوا جدلهم على غير علم وهدى وكتاب منير.
وروى الشيخان وغيرهما عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنّ أبغضَ الرّجال إلى الله الألد الخَصم)) فهذا الحديث ذم واضح، للذين اغتروا بقُوّة حجتهم في مُخاصمة خصومهم بنية الغلبة عليهم، ولو كان الخُصوم على حق.
فيتبين من هذه النصوص أن الغرور مستقبح شرعًا، وأنه من الآفات التي تُوقع الإنسان في الكذب، وتؤدي به إلى الكِبْر، وتَجْعَله مغضوبًا مذمومًا عند الله وعند الناس.
وكيف يدخل الغرور على الدعاة؟
الداعية الذي لا يمر في تكوينه وإعداده على مرحلة التربية الروحية، والتهذيب التربوي؛ لم يتربّ على المراقبة لله والمُحاسبة للنفس، والاستمرار على العمل الصالح، والاستقامة على منهج الله؛ فسرعان ما ينساق مع الهوى، وسرعان ما يركب صهوة الغرور، وسرعان ما ينزلق مع الشيطان. بل تجد منه أعمالًا ومواقفَ وإدعاءاتٍ يستهجنها المسلم العادي، فضلًا عن الرجل المؤمن الواعي الحصيف.
وإليك -أخي الداعية- أظهر هذه الإدعاءات والمواقف التي وقع في حبائلها بعض الدعاة: