اسم الکتاب : الصراع الفكري في البلاد المستعمرة المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 67
وكلتا الحالتين، هما في الواقع، نتيجة للصورة الميتافيزيقية التي توضع فيها المشكلة الأساسية.
ونكون على جانب لا بأس به من البلادة أو من الادعاء، إذا قدرنا أن الاستعمار يجهل هذه الأوضاع النفسية، كما نكون على جانب هام من العبث إذا قدرنا أن الاستعمار يعلم هذا ولا يستغله.
وعلينا إذن أن ندرك كيف يحدد الاستعمار نفسه، وموقفه أمام هاتين الحالتين، ولقد أشرنا إلى موقفه إشارة عابرة، حينما تحدثنا عن (المنديل الأحمر) الذي يترك الثور يتزايد غضبه، حتى يفقد أنفاسه.
ولا شك فإن الاستعمار سيبذل جهده بكل تأكيد، حتى يزداد من يكره الشيطان حقداً أو غضباً عليه، ويزداد من يدين له بالنعم، شكراً وحمداً.
وهذان الموقفان- وإن كانا يختلفان من الناحية الأخلاقية- يحققان النتيجة نفسها من الناحية العملية، إذ هما يكوّنان حجر الزاوية في الخطة التي يرسمها الاستعمار لتنويم الوعي الإسلامي، كيما يحول بينه وبين المشاكل القائمة.
فكما شعر أن المشكلة الأساسية على وشك لفت النظر إليها، وإثارة الاهتمام بها، تراه يزيد في التلويح بالمنديل الأحمر كما يزيد حفنات جديدة من النقود في ضمائر بعض الولاة المسلمين ذوي الضمائر، المعدة على صندوق الصدقات، وإذا بالمشكلة تعود إلى الغيوم.
فهذا فعل لفت، أو تحويل للموضوع ولا شك، فإن كل بلد إسلامي يعرف على الأقل فصلاً من فصوله، في نضاله ضد الاستعمار في السنوات الأخيرة.
وعلى سبيل المثال، فإن الجزائري المعاصر لنا يذكر، دون لبس أو شك كيف ولد سنة 1936 المؤتمر الجزائري المشهور، وكيف قتل في مهده، وقد كان
اسم الکتاب : الصراع الفكري في البلاد المستعمرة المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 67