اسم الکتاب : العصبة المؤمنة بين عناية الرحمن ومكر الشيطان المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 68
الإسلامية، وخطة التنظيم، التي تحرم التناصر والموالاة، لأن التناصر والموالاة لا يكونان عند المسلم إلا في شأن الدين وإقامة منهجه ونظامه في الحياة الواقعية، وليست هناك قاعدة مشتركة يلتقي عليها المسلم مع أهل الكتاب في شأن دينه - مهما يكن هناك من تلاق في أصول هذه الأديان مع دينه قبل تحريفها - إذ هم لا ينقمون منه إلا هذا الدين، ولا يرضون عنه إلا بترك هذا الدين .. كما يقول رب العالمين ..
إن هؤلاء ممن يجعلون القرآن عضين يجزئونه ويمزقونه، فيأخذون منه ما يشاءون - مما يوافق دعوتهم الغافلة الساذجة على فرض براءتها - ويدعون منه ما لا يتفق مع اتجاههم الغافل أو المريب! ونحن نؤثر أن نسمع كلام اللّه، في هذه القضية، على أن نسمع كلام المخدوعين أو الخادعين! وكلام اللّه - سبحانه - في هذه القضية حاسم واضح صريح مبين ..
ونقف وقفة قصيرة في هذا الموضع عند قوله تعالى - بعد تقرير أن سبب النقمة هو الإيمان باللّه وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل - أن بقية السبب: «وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ» فهذا الفسق هو شطر الباعث! فالفسق يحمل صاحبه على النقمة من المستقيم .. وهي قاعدة نفسية واقعية تثبتها هذه اللفتة القرآنية العجيبة .. إن الذي يفسق عن الطريق وينحرف لا يطيق أن يرى المستقيم على النهج الملتزم .. إن وجوده يشعره دائما بفسقه وانحرافه. إنه يتمثل له شاهدا قائما على فسقه هو وانحرافه .. ومن ثم يكرهه وينقم عليه. يكره استقامته وينقم منه التزام ه ويسعى جاهدا لجره إلى طريقه أو للقضاء عليه إذا استعصى قياده! إنها قاعدة مطردة، تتجاوز موقف أهل الكتاب من الجماعة المسلمة في المدينة، إلى موقف أهل الكتاب عامة من المسلمين عامة. إلى موقف كل فاسق منحرف من كل عصبة ملتزمة مستقيمة .. والحرب المشبوبة دائما على الخيرين في مجتمع الأشرار، وعلى المستقيمين في مجتمع الفاسقين، وعلى الملتزمين في مجتمع المنحرفين ..
هذه الحرب أمر طبيعي يستند إلى هذه القاعدة التي يصورها النص القرآني العجيب ..
ولقد علم اللّه - سبحانه - أن الخير لا بد أن يلقى النقمة من الشر، وأن الحق لا بد أن يواجه العداء من الباطل، وأن الاستقامة لا بد أن تثير غيظ الفساق، وأن الالتزام لا بد أن يجر حقد المنحرفين.
اسم الکتاب : العصبة المؤمنة بين عناية الرحمن ومكر الشيطان المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 68