اسم الکتاب : المسلم في عالم الإقتصاد المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 89
وتحويل التركيز من (الحق) إلى (الواجب) ليس بالأمر الذي يأتي عفوياً أو بالمصادفة، لأنه تحويل لعادات وطبائع منسجمة مع ما في الإنسان من ميل طبيعي إلى منطق السهولة، مدعماً من ديماغوجيا القرن العشرين التي نصبت من (الأنا) وثناً جديداً يعبده الفرد في المجال السياسي باسم الحرية، وفي المجال الاقتصادي باسم الحقوق. وحتى في المجال الرياضي حيث يعبد (الأنا) المجسم في ملاعب الرياضة. فتحويل التركيز الموروث ليس إذن بالأمر السهل بل لا يتأتى إلا بصراع مع كل التيارات التي تنهي الأنانية بشكليها: الأنا ونحن.
وربما تقوم، في وجه ثورة ثقافية- من أجل تعديل التركيز في صالح الواجبات- ثورة مضادة لتدعيم البناء المنحرف.
فهذا ما حدث بالضبط في الصين عندما قامت فيها محاولة لتخفيف ضغط الحقوق على الإنتاج، فسرعان ما قامت في وجهها مطالبة بمزيد من الحقوق، في حصة الأرز مثلاً وفي الأجور؛ وغالب الظن أن هذه المشاغبة كانت موجهة من الخارج من طرف جهات تريد تعطيل حركة التنمية، فاستعملت ضد العمال القائمين بتنفيذ خطة (الوثبة إلى الأمام) ما في نفوسهم من ميل طبيعي إلى السهولة.
إنه لمن أشد المكر أن يحطم الإنسان، أو يعطل نفسه بيده دون أن يشعر، لأن الماكر استطاع أن يخدعه بلغة الحقوق والحريات.
***
اسم الکتاب : المسلم في عالم الإقتصاد المؤلف : مالك بن نبي الجزء : 1 صفحة : 89