اسم الکتاب : النصر والتمكين آت بإذن الله المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 71
تحكمه في رغباتها ونزواتها وحركاتها وسكناتها، وسرها وعلانيتها، ونشاطها كله وخلجاتها .. فهذا نصر الله في ذوات النفوس.
وإن لله شريعة ومنهاجا للحياة، تقوم على قواعد وموازين وقيم وتصور خاص للوجود كله وللحياة. ونصر الله يتحقق بنصرة شريعته ومنهاجه، ومحاولة تحكيمها في الحياة كلها بدون استثناء، فهذا نصر الله في واقع الحياة.
ونقف لحظة أمام قوله تعالى: «وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» .. وقوله: «إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ» ..
وفى كلتا الحالتين. حالة القتل. وحالة النصرة. يشترط أن يكون هذا لله وفي سبيل الله. وهي لفتة بديهية، ولكن كثيرا من الغبش يغطي عليها عندما تنحرف العقيدة في بعض الأجيال. وعندما تمتهن كلمات الشهادة والشهداء والجهاد وترخص، وتنحرف عن معناها الوحيد القويم.
إنه لا جهاد، ولا شهادة، ولا جنة، إلا حين يكون الجهاد في سبيل الله وحده، والموت في سبيله وحده، والنصرة له وحده، في ذات النفس وفي منهج الحياة.
لا جهاد ولا شهادة ولا جنة إلا حين يكون الهدف هو أن تكون كلمة الله هي العليا. وأن تهيمن شريعته ومنهاجه في ضمائر الناس وأخلاقهم وسلوكهم، وفي أوضاعهم وتشريعهم ونظامهم على السواء.
عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الرَّجُلِ يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، أَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ» (1)
وليس هنالك من راية أخرى، أو هدف آخر، يجاهد في سبيله من يجاهد، ويستشهد دونه من يستشهد، فيحق له وعد الله بالجنة. إلا تلك الراية وإلا هذا الهدف. من كل ما يروج في الأجيال المنحرفة التصور من رايات وأسماء وغايات!
ويحسن أن يدرك أصحاب الدعوة هذه اللفتة البديهية، وأن يخلصوها في نفوسهم من الشوائب التي تعلق بها من منطق البيئة وتصور الأجيال المنحرفة، وألا يلبسوا برايتهم
(1) - صحيح مسلم (3/ 1513) 150 - (1904) [ش (حمية) هي الأنفة والغيرة والمحاماة عن عشيرته]
اسم الکتاب : النصر والتمكين آت بإذن الله المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 71