اسم الکتاب : النصر والتمكين آت بإذن الله المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 40
القلوب، كما يتم بتمكينه في تصريف الحياة وتدبيرها. فقد وعدهم الله إذن أن يستخلفهم في الأرض، وأن يجعل دينهم الذي ارتضى لهم هو الذي يهيمن على الأرض. ودينهم يأمر بالإصلاح، ويأمر بالعدل، ويأمر بالاستعلاء على شهوات الأرض. ويأمر بعمارة هذه الأرض، والانتفاع بكل ما أودعها الله من ثروة، ومن رصيد، ومن طاقة، مع التوجه بكل نشاط فيها إلى الله.
«وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً» .. ولقد كانوا خائفين، لا يأمنون، ولا يضعون سلاحهم أبدا حتى بعد هجرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى قاعدة الإسلام الأولى بالمدينة.
عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ, فِي قَوْلِهِ:" " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهَمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ, وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا " إِلَى آخِرِ الآيَةِ, قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ بِمَكَّةَ نَحْوًا مِنْ عَشْرِ سِنِينَ يَدْعُونَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ وَعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ سِرًّا وَهُمْ خَائِفُونَ لا يُؤْمَرُونَ بِالْقِتَالِ, حَتَّى أُمِرُوا بَعْدَ الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَقَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ بِالْقِتَالِ وَكَانُوا بِهَا خَائِفِينَ يُمْسُونَ فِي السِّلاحِ, وَيُصْبِحُونَ فِي السِّلاحِ, فَغَبَرُوا بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ, ثُمَّ إِنَّ رَجُلا مِنْ أَصْحَابِهِ, قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَبَدَ الدَّهْرِ نَحْنُ خَائِفُونَ هَكَذَا, مَا يَأْتِي عَلَيْنَا يَوْمٌ نَأْمَنُ فِيهِ وَنَضَعُ فِيهِ السِّلاحَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:لَنْ تَغْبُرُوا إِلا يَسِيرًا حَتَّى يَجْلِسَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ فِي الْمَلأِ الْعَظِيمِ مُحْتَبِيًا لَيْسَتْ فِيهِ حَدِيدَةٌ"،فَأَنْزَلَ اللَّهُ:" وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا " إِلَى آخِرِ الآيَةِ, فَأَظْهَرَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ نَبِيَّهُ عَلَى جَزِيرَةِ الْعَرَبِ فَأَمِنُوا وَوَضَعُوا السِّلاحَ, ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - فَكَانُوا كَذَلِكَ آمِنَيْنِ فِي إِمَارَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ, وَعُثْمَانَ حَتَّى وَقَعُوا فِيمَا وَقَعُوا وَكَفَرُوا بِالنِّعْمَةِ فَأَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْخَوْفَ الَّذِي كَانَ رُفِعَ عَنْهُمْ, وَاتَّخَذُوا الْحَجَزَةَ, وَالشُّرَطَ وَغَيَّرُوا فَغَيَّرَ مَا بِهِمْ" [1]. [1] - تفسير ابن أبي حاتم [10/ 193] (15568) وتفسير ابن كثير - دار طيبة [6/ 79] والدر المنثور للسيوطي -موافق للمطبوع [11/ 97] حسن
اسم الکتاب : النصر والتمكين آت بإذن الله المؤلف : الشحود، علي بن نايف الجزء : 1 صفحة : 40