اسم الکتاب : الوحي المحمدي المؤلف : رشيد رضا، محمد الجزء : 1 صفحة : 79
عم اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: يا ابن أخى ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله صلّى الله عليه وسلم بخبر ما رأى، فقال له ورقة: هذا الناموس [1] الذى نزّل الله على موسى، ليتنى فيها جذعا [2]، ليتنى أكون حيا إذ يخرجك قومك فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أو مخرجى هم؟» قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودى، وإن لم يدركنى يومك أنصرك نصرا مؤزرا ثم لم ينشب [3] ورقة أن توفى وفتر الوحى [4].
قال ابن شهاب: وأخبرنى أبو سلمة بن عبد الرحمن أن جابر بن عبد الله الأنصارى قال وهو يحدث عن فترة الوحى فقال فى حديثه: «بينما أنا ماش إذ سمعت صوتا من السماء فرفعت بصرى، فإذا الملك الذى جاءنى بحراء جالس على كرسى بين السماء والأرض، فرعبت منه فرجعت فقلت زملونى فأنزل الله تعالى: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ [1] قُمْ فَأَنْذِرْ إلى قوله: وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ [المدثر: [1] - [5]]، فحمى الوحى وتتابع [5] أ. هـ.
مسلم: فكان يكتب الكتاب العربى. ولا تنافى بين الروايات إذ كان يعرف اللغتين. وورقة ابن عم خديجة، وأما قولها له: اسمع من ابن أخيك فهو من باب التوقير لسنه واستعطاف الرحم. وكذا قوله للنبى صلّى الله عليه وسلم يا ابن أخى، وما زال يستعمل فى خطاب أولاد الأقرباء والأصدقاء. [1] الناموس: فى اللغة صاحب السر، والمراد بن أمين الوحى جبريل، وقوله: «نزل الله على موسى» ولم يقل وعيسى؛ لأن الشبه بين الوحى إلى موسى ومحمد عليهما السلام أتم؛ لأن كلا منهما أوتى شريعة تامة مستقلة فى عباداتها ومعاملاتها وسياستها وقوتها العسكرية، وعيسى عليه السلام كان تابعا لشريعة التوراة وناسخا لبعض الأحكام التى يقتضيها الإصلاح ومبشرا بالنبى الذى يأتى من بعده بالشرع الكامل العام الدائم وهو محمد رسول الله وخاتم النبيين، وفى بعض الروايات الضعيفة: أن ورقة قال: «ناموس عيسى»، وفى رواية أخرى حسنة الإسناد فى دلائل النبوة لأبى نعى: أن خديجة جاءت ورقة وحدها أولا فذكرت له الخبر فقال لها: إن كنت صدقتنى إنه ليأتيه ناموس عيسى الذى لا يعلمه بنو إسرائيل أبناءهم أ. هـ. والناموس واحد على كل حال. ولكن رواية الصحيحين: «فانطلقت به» تدل على التعقيب أى أنها ذهبت به عقب تحديثها بما رأى وعليها المعول، وما خالفها مرسل مروى بالمعنى الذى فهمه عبيد بن عمير ومن دونه. [2] قوله: ليتنى فيها جذعا: الجذع بفتحتين خلاف المسن من البهائم واشتهرت استعارته للشاب من الناس. والإخراج: النفى من الوطن. [3] لم ينشب- بفتح الشين المعجمة- أى: لم يلبث بعد هذا أن توفى ولم ينل ما يتمناه من إدراك زمن تبليغ الرسالة لينصر النبى صلّى الله عليه وسلم، ولكن فى سيرة ابن إسحاق وتبعه غيره أن ورقة كان يمر ببلال وهو يعذب، ومقتضاه أنه أدراك زمن البعثة واضطهاد المشركين للمؤمنين. والمعتمد ما فى الصحيح من أنه توفى عقب هذا الحديث بقليل. [4] فتر الوحى: انقطع مؤقتا ليعود- وكانت فترة الوحى ثلاث سنين- وهى ما بين بدئه بأمر جبريل له بالقراءة وبين نزول أول سورة المدثر التى أمر فيها بإنذار الناس. [5] أى اتصلت مدة التبليغ كلها وهى عشرون سنة ولكنه كان نجوما متفرقة حسب الحاجة، فتارة تنزل
اسم الکتاب : الوحي المحمدي المؤلف : رشيد رضا، محمد الجزء : 1 صفحة : 79