اسم الکتاب : الوحي المحمدي المؤلف : رشيد رضا، محمد الجزء : 1 صفحة : 203
بل كان النبى صلّى الله عليه وسلّم يعطى أمراء الجيوش والسرايا حقّ الحكم بما يرون فيه المصلحة بقوله للواحد منهم: «وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك على أن تنزلهم حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدرى أتصيب فيهم حكم الله أم لا». رواه أحمد، ومسلم، والترمذى، وابن ماجة من حديث بريدة. وقال مثل ذلك فى إنزالهم على ذمة الأمير دون ذمة الله ورسوله لئلا يخفرها، وهذا من أوسع النصوص الصحيحة فى تفويض الأحكام السياسية والعسكرية إلى الخلفاء والأمراء وقواد الجيوش، لأنها من المصالح العامة التى تختلف باختلاف الزمان والمكان والأحوال، وهو مذهب الإمام مالك (ر ح).
قواعد الاجتهاد من النصوص
أحكام الكتاب والسّنّة: منها أحكام خاصة بالأعمال والوقائع، ومنها قواعد عامة للتشريع، والأحكام الخاصّة، منها: ما هو قطعى الرواية والدلالة لا مجال للاجتهاد فيه ولا معدل عن الحكم به إلا لمانع شرعى، من فوات شرط، كدرء حدّ بشبهة أو عذر ضرورة.
وقد أمر عمر رضى الله عنه فى المجاعة ألا يحدّ سارق. ومنها ما هو غير قطعى يعمل فيه باجتهاد من يناط به الحكم والتنفيذ من أمير أو قاض أو قائد جيش، كما تقدم قريبا فى العبادات والمحرمات.
وأما القواعد العامة فهى ما تجب مراعاته فى الأحكام المختلفة، وأهمّها فى الإسلام تحرى الحقّ والعدل المطلق العام، والمساواة فى الحقوق والشهادات والأحكام، وحفظ المصالح ودرء المفاسد، ومراعاة العرف بشرطه، ودرء الحدود بالشبهات، وكون الضرورات تبيح المحظورات، وتقدير الضرورة بقدرها، ودوران المعاملات على اكتساب الفضائل، واجتناب الرذائل، وحسبك بالشواهد من القرآن على قاعدة إيجابى العدل المطلق والشهادة وتحريم الظلم.
العدل والمساواة فى الإسلام نصوص القرآن فى إيجاب العدل المطلق والمساواة فيه وحظر الظلم
لما كان العدل أساس الأحكام وميزان التشريع وقسطاسه المستقيم، أكد الله تعالى الأمر به والمساواة فيه بين الناس فى السورة المكية والمدنية. قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ [النحل: 90]، وقال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا
اسم الکتاب : الوحي المحمدي المؤلف : رشيد رضا، محمد الجزء : 1 صفحة : 203